المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصص من الماضي - اللغة الارامية-الكلدانية


jerjesyousif
09-13-2022, 04:07 AM
قصص من الماضي

قبل اكثر من عشر سنوات كتبت في مواقعنا الالكترونية سلسلة من "قصص من الماضي" ويعجبني ان اعيد نشر قسم منها، ففي قراءتها متعة وابتسامة.
هذه واحدة من تلك القصص:

اللغة الآراميّة الكلدانية

ܠܝܫܐܢܐ ܐܪܐܡܐܝܐ ܟܠܕܐܝܐ

في عام 1963 وفي العطلة الربيعية نظم لنا معهد الطاقة في موسكو, المعهد الذي درست فيه لمدة ست سنوات , سفرة طلابية الى مدينة بطرسبورغ ( لينينغراد آنذاك ) لمدة اسبوع للاطلاع على معالمها التاريخية , حيث تعتبر مدينة ثورة اوكتوبر العظمى عام 1917 , والعاصمة الصيفية للقيصر , وفي احد الايام – حسب منهاج السفرة – كانت الزيارة الى متحف الايرميتاج وهو متحف كبير جدا – بمستوى متحف اللوفر في باريس – وكان المقر الذي كان القيصر يستقبل فيه الملوك والرؤساء والسفراء الاجانب . فابتدانا بمشاهدة المعروضات بدءا من الدرج العريض الرخامي ومسانده الجانبية المطلية بالذهب , واستمرارا ببدء تكوين الدولة الروسية , ثم الاتحاد السوفيتي , ثم الى العالم الخارجي ووصلنا الى " الشرق الاوسط" والمرشدة الانيقة الرشيقة تشرح عن المعروضات والصور والتماثيل باسلوب ممتاز وكانها هي من كان يهيئ لاستقبال الملوك وهي التي رسمت تلك اللوحات وهي التي نحتت التماثيل , ووصلنا الى لوحة بقياس حوالي 80 * 120 سم لطاق كسرى ومكتوب تحتها : ايوان كسرى/ من الحضارة الفارسية . وبعدما انتهت من الشرح الجميل سالتها : ان هذا المعلم هو في بغداد عاصمة العراق فكيف تكتبون تحته : من الحضارة الفارسية؟ فقالت : نعم انه في بغداد , ولكن الفرس هم الذين شيدوه . ثم سرنا معها حتى وصلنا الى لوحة من الرخام الرصاصي الداكن وكانها ماخوذة من كنيسة مريم العذراء في كرملش وعليها خمسة اسطر باللغة الكلدانية / الحروف الكبيرة , وقد كتب تحتها : لغة من الشرق الاوسط القديمة المندثرة (وطبعا بجانبها معروضات من الخط المسماري وغيره من اللغات القديمة) وهنا قلت للانيقة: هناك امام ايوان كسرى اقنعتيني بالجواب , ولكن هنا لا تستطيعين اقناعي , لان هذه اللغة التي تكتبون عنها انها مندثرة انا اكتب بها الان اكثر من رسالة واحدة في الشهر لاهلي في العراق الذين لا يجيدون قراءة غيرها , وهي اللغة الدينية التي تصدح بها حناجر المؤمنين في كنائسنا العظيمة يوميا , ثم اخذت ورقة وقلما وبدات اقرا كل سطر واعيد كتابته على الورقة امام ذهولها وذهول الزوار العشرين , حيث شاهدوا , ربما لاول مرة واحدا يكتب من اليمين الى اليسار!!! فقالت : ان ذلك مهم لنا جدا فاسمحوا لي لاستدعي المديرة , فجاءت المديرة وتناقشنا في الموضوع , وبعد التاكد من انني مجرد طالب هندسة كهربائية ولست عالم آثار واللغات القديمة , اقتنعتا بان هذه اللغة الكلدانية الخالدة لا تزال تُقرا وتُكتب وتُحكى في ذلك الوقت ورفعوا الكتابة تحتها ليكتبوا غيرها لتتوافق مع الواقع .

نطلب من الرب ان تبقى لغتنا الكلدانية خالدة الى الابد .


جرجيس يوسف الساعور /2010 كندا