jerjesyousif
10-30-2022, 09:45 PM
في الذكرى المؤلمة لمجزرة كنيسة سيدة النجاة: كنت هناك
شاءت الصدف ان أكون قد زرت كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد ظهر يوم 31/10/2010 قبل ساعات من اقتحامها من قبل الاشرار. وقد كتبت في مواقعنا الالكترونية يومذاك مقالا مطولا حول سفرتي الى العراق عام 2010 بعد مغادرتي العراق في اواخر عام 1997 وبعد وصولي واستقراري في كندا في كانون الثاني 2001. لقد اعدت نشر هذا المقال عدة مرات وها انني انشره الان لاستذكار الحدث المؤلم .
جرجيس يوسف - كندا 31-10-2022
كنت هناك!!
القرار:
منذ انتهاء الانتخابات البرلمانية العراقية في آذار 2010 وانا افكر بالذهاب الى العراق بشوق كبير للقاء الاعزاء هناك من الاهل والاصدقاء بعد فراق 13 سنة و بنفس الوقت لانجاز معاملة خاصة هناك ،فبدات اترقب تشكيل الحكومة الجديدة وتنجلي الامور وتزيل التوترات المصلحية كالعادة وتنتهي معركة الكراسي حتى خاب ظني وظنوننا جميعا ، فقررت الذهاب وعدم الاهتمام بالحكومة اصلا حيث تبين بانه لا يوجد اي بصيص امل في تغيير الواقع المزري سواء تشكلت وزارة جديدة ام استمرت الحالية لان الايام تثبت بانه "نفس الطاسة ونفس الحمام" فقررت السفر من كندا والتوجه الى العراق يوم 27/10/2010 وهكذا كان.
اربيل ومنطقة الحكم الذاتي:
سبق وان اعطى لي اهلي فكرة جيدة عن الوضع في المناطق التي ساذهب اليها ، كذلك تحدثت مع من سبقني من الاخوة الاعزاء الذين لهم تجارب من سفراتهم السابقة فصار عندي شريط طويل من المعلومات والتصورات استعرضته مرات وانا اعبر الاطلسي على الطائرة "ايرباص" لمدة 7 ساعات ، فكنت ابتسم مع نفسي متفائلا في معظم الاوقات ، او خائفا متشائما في قليل منها ، ولكن الخوف ، بل الرعب كان سيد الموقف . وبعد الاستراحة في فيينا واصلنا السفر الى اربيل العزيزة والخوف بدأ يسيطر على افكاري لانني اعتدت ان اكون مرعوبا طوال الاربعين سنة الماضية عند اقترابي من الحدود لدخول الوطن العزيز واحبس الانفاس حتى الوصول الى البيت لأحمد الرب على وصولي سالما بعد كل سفرة . وها انني انتعش عندما رايت بحيرة سد الموصل ، ودجلة الخير ، وهضاب وجبال كردستان الشماء ، لنطير فوق اربيل في منظر رائع تمنيت لو انني شاعر لتاليف قصيدة اللقاء . استعدت طائرتنا الصغيرة للهبوط في مدرج لا يختلف عن اي مدرج في هذا العالم الكبير ، ولكنني شاهدت بنايته الرئيسية الجميلة فاخرجت كامرتي واطلقت لها العنان . انتقلنا من الطائرة الى مبنى المطار عبر خرطوم حديث ممتاز، وسرنا على الخطوط المتحركة ، منها على شكل سلالم صاعدة ومنها على شكل مستوى مائل، والعلامات واضحة ودقيقة وباللغات الثلاث – كردي-عربي- انكليزي – حتى وصلنا القاعة الرئيسية الجيدة المجهزة بكل ما يحتاجه القادم الى العراق ، فتوجه كل قادم الى احدى الغرف الثمانية الصغيرة التي يجلس فيها ضابط السفر ويختم الجواز بختم الدخول وعبارة: راجع اي دائرة الاقامة خلال عشرة ايام ، وما هي الا دقائق حتى بدأت حقائبنا بالقفز الى الحزام الدوار وهناك عربات بجانب الحزام ، فاخذت عربة ووضعت حقيبتي فيها وخرجت الى ساحة امام المطار لوقوف الباصات العائدة لادارة المطار لأضع حقائبي في باص متوسط ، والشمس ساطعة والجو حار والاراضي الفسيحة حمراء مصفرة تخلو من اي خضار ، وسرعان ما امتلأ الباص ليسير بنا مسافة دقائق معدودة لنصل الى قاعة لانتظار المستقبلين وبجانبها ساحة وقوف سيارات المستقبلين الخاصة والحكومية والاجرة ، فكل ذلك بدد ما اعتراني من الخوف واحل محله التفاؤل والارتياح.
اربيل وكرملش وبغديدي:
انطلقت بنا السيارة التي احضرها لنا قريبي وهي اوبل جيدة وحديثة عبر طريق المطار باتجاه اربيل. الشارع ممتاز له ارصفة واعمدة انارة واشارات ضوئية، وسيارات غسل وكنس الشارع تجوبه ، وعلى الجانبين مباني حديثة وحركة اعمار واسعة تجعلك تشعر بانك في بلد متقدم متطور. غادرنا اربيل عند اجتيازنا سيطرة " خفيفة" وهي اول سيطرة منذ 13 سنة لي . وبعد ان قطعت السيارة بنا نحو كرملش-بغديدي مسافة 10-15 كيلومتر سالني قريبي: كيف ترى العراق؟ فقلت: اعتقد بان اليمن فقط هو اكثر تخلفا من هنا (مع اعتذاري للشعب اليمني الشقيق) ، فعلى جانبي الطريق الخارجي اربيل-موصل ذي التبليط الرديء تتراكم اكوام كثيرة من انقاض البناء ، وتتطاير في جميع الاتجاهات اكياس النايلون بجميع الالوان ، والحصى والرمل يعزف مقطوعات موسيقية مزعجة بارتطامها بزجاجات السيارات التي اصبحت هي كالشارع مليئة بالندب والفطور، ولا توجد اية اشجار او نباتات ولكن القادم من الخارج يتسلى ويبتسم للكتابات الموجودة على الزجاج الخلفي للسيارات ، مثل : لاتصيبها بعين ترى كلها بالدين وغيرها. عندما انعطفت سيارتنا باتجاه كرملش وانا اتطلع من بعيد على "قلا دقدشتا بربارة" غمرني شعور بالفرح والتباهي بانني اصل الى بلدتي الحبيبة ، فرسمنا علامة الصليب عند مرورنا بمزار"القديسة بربارة" شفيعتنا ابدا ووجدتها اجمل وابهى من الصور الكثيرة التي اعتدنا ان نراها دوما . وصلنا بغديدا عصرا فوجدتها قد اصبحت مدينة كبيرة ذات كنائس عظيمة ومباني رائعة وشوارع صاخبة ومزدحمة بكل ما يمكن ان يسير في الشارع وهذا ما لم اجده في كرملش بسبب الاختلاف العمراني والسكاني والجغرافي لربما لان بغديدا مركز القضاء او لانها اصبحت مركزا تجاريا بعد تعذر الذهاب الى الموصل!!.
بغداد في القلب:
في اليوم الثالث من وصولي حجزت مقعدا في سيارة 7 ركاب (جي ام سي يسمونها بهبهان ،حيث ان لسيارات كثيرة اسماء عراقية: دولفين، مونيكا، راس الثور ، دوج اوباما وغيرها) للذهاب الى بغداد فجاءتني السيارة الساعة 4:30 صباحا حسب الموعد فسألت السائق : اي طريق سنسلك؟ قال مار بهنان – كوير – طريق كركوك – الخالص ،ثم سالت: كم سيطرة في الطريق حتى بغداد فاجاب: خير منالله! فسارت السيارة وانا اراقب الطريق بانتباه وشوق، وازدادت لهفتي عند انقشاع الظلام لارى ابعد واكثر مما كان يرينا مصباح السيارة حتى وصلنا طوزخورماتو التي يسمونها دوز فجلسنا في مطعم نظيف جدا فجاءني (بنفر معلاك ممتاز مع اشياء كثيرة من الخضراوات والطرشي والزيتون) . سالني السائق اثناء الاكل: عمو هل حسبت كم سيطرة؟ فقلت: حسبت الى العشرة ونحن لم نصل بعد الى ديبكة فتاهت الحسبة بعدها، فضحك الجميع لان السيطرات بالنسبة لهم شيئ طبيعي ، اما لواحد مثلي الذي لم يمر عبر سيطرة واحدة خلال 13 سنة الاخيرة ولم يطلب احد هويتي، فهو شيئ "مزعج بعض الشيئ" . وصلنا بغداد قبل التاسعة والازدحامات تكثر وتكثر فاصبحنا نقف مدة اطول مما نسير حتى وصلنا كنيسة سيدة النجاة ، وبقربها هو الكراج الخاص بسيارات بغديدي، والساعة عبرت الثانية ظهرا. اخذت غرفة في فندق مجاور للكنيسة والغرفة ممتازة فيها حمام واسرة نظيفة ومريحة وتلفاز ومكيف هواء قطعتين (سبلت) . فضولي وخوفي وشوقي لبغداد دفعتني لان اسرع بالخروج الى الشارع لاستكشف الوضعية فدخلت الى كاتدرائية سيدة النجاة التي تربطني بها ذكريات خمس سنوات سكنت في بيت يبعد عن مدخلها مائة متر فصليت واشعلت شموعا امام مغارة العذراء بعدها سرت باتجاه الكرادة داخل وفي ازقتها وشوارعها الرئيسية والفرعية ووقفت امام "الكهرمانة والاربعين حرامي" التي كانت مياهها تتدفق ولكن الازدحام الشديد يحجب الرؤية والتركيز . ثم اخذت اسير باتجاه الكرادة داخل لارى الارصفة من كلا جانبي الشارع تعج بالبسطات والانارة وتسمع الاغاني من كل الاكشاك فبدت لي اجمل واحسن مما كانت في التسعينات وكل شيئ عادي وطبيعي ، بحيث استهواني المسير الرائع حتى الجسر المعلق ، ثم عدت ادراجي حتى وصلت الكهرمانة ثانية ، واثناء العودة تذكرت بانني كان يجب ان آكل شيئا فوجدت محلا يبيع الحلاوة الشكرية فاخذت نصف كيلو ثم جئت الى فرن الصمون الحجري واخذت صمونتين فكان عشائي بعد منتصف الليل صمون وحلاوة!! وما الذًها!! صباح اليوم التالي كنت على موعد مع صديق قديم لياخذني الى الدورة فجاءني في السابعة وتوجهنا الى الدورة لنصلها بعد التاسعة بعد مرورنا عبر شوارع الكرادة وعبور جسر الطابقين (واسمه الرسمي جسر الحسنين) وراجعت الدائرة التي جئت من اجلها وانجزت مهمتي بشكل رتيب ولطيف وبدون اي واسطة او وررق!!! بعدها مررنا على عدد من البيوت في الدورة، والله يساعد الجميع!! الشوارع ومعظمها مغلقة بالحواجز الكونكريتية من احد الطرفين واكوام النفايات هنا وهناك والحفر و"طسات" منتشرة، بالاضافة الى وجود سيطرات عديدة تجعلك تضحك وتبكي في آن واحد . مررنا على دكان صديق وقلت له: ما هذه الحواجزالعالية التي تقسم شارعكم على طوله الى نصفين؟ فقال : في الجانب الايمن منه شيعة والايسر سنة !!!! فنحن الان في الجانب السني. زرت بيتنا في بغداد والذي لم اره منذ 1997 وسالت ساكنيه عن الجيران القدامى فقالوا: باختصار نحن الوحيدون الباقون، فمنهم من هرب عندما سيطر الشيعة على هذه المنطقة ، والاخرون هربوا عندما سيطر عليها السنة وبذلك فان المنطقة الان سنية ، ولكن المسيحيين فلم يتجرا احد من اهالي المنطقة ان يعمد ايذاءهم. بعد الظهرعدت الى "الكراج" لاعود الى بغديدي فدخلت كنيسة سيدة النجاة واخذت عددا من الصور لها وامامها ثم استقلينا السيارة لنعود عن طريق الخالص- عظيم - طوز – كوير- بغديدي.
كنيسة سيدة النجاة:
ان الكنيسة ليست بالنسبة لي كنيسة للصلاة فقط ، انها المفخرة ، انها الصرح ، انها المدرسة ، انها ذكريات الجيرة لخمس سنوات ، ذكريات العماذات والتناولات والزيجات فزيارتي لها هي بمثابة زيارة الام الروؤم ومتحف الذكريات . بعد الزيارة الساعة الثانية ظهرا يوم الاحد 31/10/2010 استقلينا السيارة متجهين الى بغديدي وكنا سبعة من بغديدي وانا كرمشايا نتناقش بمختلف الامور : ساعة نضحك وساعة اختلاف الاراء الى حد العصبية ، وساعة تبادل المعلومات والذكريات، وساعة مشاهدة الصور التي التقطتها للكنيسة قبل ساعتين. بعد ان تناولنا الاكل في الدوز واثناء خروجنا لنستقل السيارة رن احد الهواتف ليقول: ان الكنيسة احتلت من قبل الارهابيين وجميع المصلين في قداس الساعة الخامسة محجوزين في الداخل وهناك اصوات الانفجارات واطلاق النار ، فصعقنا جميعا بالخبر الرهيب واخذنا نتنقل بين الاذاعات والاتصالات كل عبر هاتفه، وكل واحد يتأمل بمن من اهله او اصدقائه يحتمل ان يكون هناك ، وبعد ان وصلنا الى بغديدي شاهدنا الماساة المذبحة الفضيعة التي حلت بالكهنة والشمامسة والمصلين على شاشات التلفزيون، وفي الصباح علمنا بكل التفاصيل وان بغديدي قد ثكلت عددا من ابنائها الشهداء، وتقرر نقلهم الى بغديدي ، فكنا في اليوم التالي امام حزن واسى لا يوصف ، واجتمع في كنيسة الطاهرة الكبرى آلاف الناس وحولها مئات السيارات لتشييع كبير يوازي المصاب الجلل. بعد سبعة ايام عدت الى بغداد وتوجهت الى الدورة مباشرة لمراجعة احدى الدوائر وانهيت عملي فيها بسهولة وسرعة ثم توجهنا الى بيتنا في الدورة وزرت عددا من الاقرباء والاصدقاء وبتنا عند احدهم مشكورا ثم قلت لصديقي بعد الافطار : لنذهب الى بيتنا ثانية لاودع الناس فيه ونشرب القهوة ، وعند وصولنا وجدنا النساء يبكين فسالنا ما الذي حدث؟ فقالوا : بيت السيدة "ب" قد فجر من قبل الارهابيين فجر اليوم! و"ب" غديديثا تسكن مع زوجها واطفالهم الاربعة في بيت والدها وهو في الجهة المقابلة لبيتنا في نفس الشارع وعلى بعد خمسين مترا، فسالت "ب" عن زوجها والاطفال فقالت بان زوجها وثلاثة اطفال في مستشفى اليرموك وهم جميعا مصابون بجروح ليست خطيرة والحمد لله، فنصحني صديقي بان نغادر المنطقة باعتباري انا اجنبي (كندي) وسوف تاتي القوات وتمشط المنطقة ولربما "يروح جلدك للدباغ" فتوجهنا الى كنيسة سيدة النجاة لاعود الى بغديدي وكرملش . وصلنا الى الكنيسة فاذا بها مكتظة بالناس ، وبكاء وهرج ومرج فعلمنا بان هناك 7 بيوت للمسيحيين قد فجرت فجر اليوم في مختلف مناطق بغداد وقد لجا اصحابها الى الكنيسة ، فوجدنا بان الكنيسة قد هيات اماكن لمبيت الجميع والغداء وكل المستلزمات الانسانية لتامين سلامة الناس المرعوبين من الانفجارات التي كانت كلها امام ابواب المطبخ، فالباب الخارجي وجزء كبير من السياج والثلاجة والطباخ قد تحولت الى حطام. اتصلت ب"ب" وعرضت عليها وعلى الناس الذين يسكنون بيتنا ان ياتوا الى الكنيسة ، ولكنهم قالوا: لقد جاءت الحكومة واعادت بناء سياج بيت "ب" وحضر زوجها واولادها الى البيت والشرطة تحرس الشارع وقد وعدوا الساكنين بان يخلدوا الى الطمانينة وستبقى سيارة الشرطة مرابطة في هذا الشارع.
دخلت الى الكنيسة والتقطت عددا من الصور وهي تعكس حجم الماساة الكبيرة . زرنا رجلا لنقدم التعازي له بعد ان فقد زوجته وابنيه المهندسين وبقي وحيدا مريضا وهو في اواخر ستيناته لم يعد قادرا ان يتفوه باي كلمة بسبب هول مصيبته ، وفوق هذا فقد جاءه شباب من المنطقة ولفوا يافطة التعزية السوداء المعلقة على جدار بيته وقالوا له : انتم اصلا دمكم مهدور فلماذا ولمن تعلق يافطة نعي؟!!! هذه هي بغداد اليوم كما شاهدتها في الاسبوع الاول من تشرين الثاني 2010
كرملش العزيزة:
في طريقنا من مطار اربيل الى كرملش العزيزة مر الوقت بنا بسرعة مذهلة ولا ادري لماذا ، هل لشدة شوقي ام لان شريط الذكريات الطويل ألهاني ، وها هو قلد بربارة شامخا ، واشجار الكالبتوس العالية وخضرة المزارع وكروم العنب واضحة بل اوضح من تلة ترجلة وجبل بازكرتان وبيوت شيخمير وشاقلي ، وها نعرج يسارا باتجاه كرملش. يا لها من شعور جميل! فدقات القلب تضاعفت والشرر ينطلق من العيون! انني في كرملش! وجدتها قد اصبحت مدينة لطيفة تتباهى بكنائسها مار ادي والقديسة بربارة ومار كوركيس ومريم العذراء ،وفيها بيوت ذات طراز معماري حديث رائع ، اما اهلها الطيبون فلم اعد اعرف ايا منهم بسبب ذاكرتي الضعيفة وطول الفراق، مما جعلني اسال كل واحد القاه: من تكون؟ او اسال من يرافقني : من هذا؟ ولكن الامر لم يطل على هذا الحال حتى عادت الذاكرة تعمل واصبحت اسال: ها فلان كيف حالك؟ وبعد ايام تعرفت بالتفصيل عن امور الناس هناك، وقابلت عددا كبيرا من المعارف والاصدقاء القدامى، وعمالقة الكومبيوترامثال الاخوان سعدالله المامو ، بطرس زيباري ابو منذر ، الشماس يوسف جبرائيل وندوري العظيم وغيرهم، وكنت اقول لهم : الحمد لله ، انكم بخير واموركم تتحسن يوما بعد آخر ولكنكم بامس الحاجة الى الامان والسلام . نطلب من الرب ان يحقق الامن والسلام لعراقنا الحبيب . آمين
المهندس جرجيس يوسف الساعور /
كندا / 3/12/2010
شاءت الصدف ان أكون قد زرت كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد ظهر يوم 31/10/2010 قبل ساعات من اقتحامها من قبل الاشرار. وقد كتبت في مواقعنا الالكترونية يومذاك مقالا مطولا حول سفرتي الى العراق عام 2010 بعد مغادرتي العراق في اواخر عام 1997 وبعد وصولي واستقراري في كندا في كانون الثاني 2001. لقد اعدت نشر هذا المقال عدة مرات وها انني انشره الان لاستذكار الحدث المؤلم .
جرجيس يوسف - كندا 31-10-2022
كنت هناك!!
القرار:
منذ انتهاء الانتخابات البرلمانية العراقية في آذار 2010 وانا افكر بالذهاب الى العراق بشوق كبير للقاء الاعزاء هناك من الاهل والاصدقاء بعد فراق 13 سنة و بنفس الوقت لانجاز معاملة خاصة هناك ،فبدات اترقب تشكيل الحكومة الجديدة وتنجلي الامور وتزيل التوترات المصلحية كالعادة وتنتهي معركة الكراسي حتى خاب ظني وظنوننا جميعا ، فقررت الذهاب وعدم الاهتمام بالحكومة اصلا حيث تبين بانه لا يوجد اي بصيص امل في تغيير الواقع المزري سواء تشكلت وزارة جديدة ام استمرت الحالية لان الايام تثبت بانه "نفس الطاسة ونفس الحمام" فقررت السفر من كندا والتوجه الى العراق يوم 27/10/2010 وهكذا كان.
اربيل ومنطقة الحكم الذاتي:
سبق وان اعطى لي اهلي فكرة جيدة عن الوضع في المناطق التي ساذهب اليها ، كذلك تحدثت مع من سبقني من الاخوة الاعزاء الذين لهم تجارب من سفراتهم السابقة فصار عندي شريط طويل من المعلومات والتصورات استعرضته مرات وانا اعبر الاطلسي على الطائرة "ايرباص" لمدة 7 ساعات ، فكنت ابتسم مع نفسي متفائلا في معظم الاوقات ، او خائفا متشائما في قليل منها ، ولكن الخوف ، بل الرعب كان سيد الموقف . وبعد الاستراحة في فيينا واصلنا السفر الى اربيل العزيزة والخوف بدأ يسيطر على افكاري لانني اعتدت ان اكون مرعوبا طوال الاربعين سنة الماضية عند اقترابي من الحدود لدخول الوطن العزيز واحبس الانفاس حتى الوصول الى البيت لأحمد الرب على وصولي سالما بعد كل سفرة . وها انني انتعش عندما رايت بحيرة سد الموصل ، ودجلة الخير ، وهضاب وجبال كردستان الشماء ، لنطير فوق اربيل في منظر رائع تمنيت لو انني شاعر لتاليف قصيدة اللقاء . استعدت طائرتنا الصغيرة للهبوط في مدرج لا يختلف عن اي مدرج في هذا العالم الكبير ، ولكنني شاهدت بنايته الرئيسية الجميلة فاخرجت كامرتي واطلقت لها العنان . انتقلنا من الطائرة الى مبنى المطار عبر خرطوم حديث ممتاز، وسرنا على الخطوط المتحركة ، منها على شكل سلالم صاعدة ومنها على شكل مستوى مائل، والعلامات واضحة ودقيقة وباللغات الثلاث – كردي-عربي- انكليزي – حتى وصلنا القاعة الرئيسية الجيدة المجهزة بكل ما يحتاجه القادم الى العراق ، فتوجه كل قادم الى احدى الغرف الثمانية الصغيرة التي يجلس فيها ضابط السفر ويختم الجواز بختم الدخول وعبارة: راجع اي دائرة الاقامة خلال عشرة ايام ، وما هي الا دقائق حتى بدأت حقائبنا بالقفز الى الحزام الدوار وهناك عربات بجانب الحزام ، فاخذت عربة ووضعت حقيبتي فيها وخرجت الى ساحة امام المطار لوقوف الباصات العائدة لادارة المطار لأضع حقائبي في باص متوسط ، والشمس ساطعة والجو حار والاراضي الفسيحة حمراء مصفرة تخلو من اي خضار ، وسرعان ما امتلأ الباص ليسير بنا مسافة دقائق معدودة لنصل الى قاعة لانتظار المستقبلين وبجانبها ساحة وقوف سيارات المستقبلين الخاصة والحكومية والاجرة ، فكل ذلك بدد ما اعتراني من الخوف واحل محله التفاؤل والارتياح.
اربيل وكرملش وبغديدي:
انطلقت بنا السيارة التي احضرها لنا قريبي وهي اوبل جيدة وحديثة عبر طريق المطار باتجاه اربيل. الشارع ممتاز له ارصفة واعمدة انارة واشارات ضوئية، وسيارات غسل وكنس الشارع تجوبه ، وعلى الجانبين مباني حديثة وحركة اعمار واسعة تجعلك تشعر بانك في بلد متقدم متطور. غادرنا اربيل عند اجتيازنا سيطرة " خفيفة" وهي اول سيطرة منذ 13 سنة لي . وبعد ان قطعت السيارة بنا نحو كرملش-بغديدي مسافة 10-15 كيلومتر سالني قريبي: كيف ترى العراق؟ فقلت: اعتقد بان اليمن فقط هو اكثر تخلفا من هنا (مع اعتذاري للشعب اليمني الشقيق) ، فعلى جانبي الطريق الخارجي اربيل-موصل ذي التبليط الرديء تتراكم اكوام كثيرة من انقاض البناء ، وتتطاير في جميع الاتجاهات اكياس النايلون بجميع الالوان ، والحصى والرمل يعزف مقطوعات موسيقية مزعجة بارتطامها بزجاجات السيارات التي اصبحت هي كالشارع مليئة بالندب والفطور، ولا توجد اية اشجار او نباتات ولكن القادم من الخارج يتسلى ويبتسم للكتابات الموجودة على الزجاج الخلفي للسيارات ، مثل : لاتصيبها بعين ترى كلها بالدين وغيرها. عندما انعطفت سيارتنا باتجاه كرملش وانا اتطلع من بعيد على "قلا دقدشتا بربارة" غمرني شعور بالفرح والتباهي بانني اصل الى بلدتي الحبيبة ، فرسمنا علامة الصليب عند مرورنا بمزار"القديسة بربارة" شفيعتنا ابدا ووجدتها اجمل وابهى من الصور الكثيرة التي اعتدنا ان نراها دوما . وصلنا بغديدا عصرا فوجدتها قد اصبحت مدينة كبيرة ذات كنائس عظيمة ومباني رائعة وشوارع صاخبة ومزدحمة بكل ما يمكن ان يسير في الشارع وهذا ما لم اجده في كرملش بسبب الاختلاف العمراني والسكاني والجغرافي لربما لان بغديدا مركز القضاء او لانها اصبحت مركزا تجاريا بعد تعذر الذهاب الى الموصل!!.
بغداد في القلب:
في اليوم الثالث من وصولي حجزت مقعدا في سيارة 7 ركاب (جي ام سي يسمونها بهبهان ،حيث ان لسيارات كثيرة اسماء عراقية: دولفين، مونيكا، راس الثور ، دوج اوباما وغيرها) للذهاب الى بغداد فجاءتني السيارة الساعة 4:30 صباحا حسب الموعد فسألت السائق : اي طريق سنسلك؟ قال مار بهنان – كوير – طريق كركوك – الخالص ،ثم سالت: كم سيطرة في الطريق حتى بغداد فاجاب: خير منالله! فسارت السيارة وانا اراقب الطريق بانتباه وشوق، وازدادت لهفتي عند انقشاع الظلام لارى ابعد واكثر مما كان يرينا مصباح السيارة حتى وصلنا طوزخورماتو التي يسمونها دوز فجلسنا في مطعم نظيف جدا فجاءني (بنفر معلاك ممتاز مع اشياء كثيرة من الخضراوات والطرشي والزيتون) . سالني السائق اثناء الاكل: عمو هل حسبت كم سيطرة؟ فقلت: حسبت الى العشرة ونحن لم نصل بعد الى ديبكة فتاهت الحسبة بعدها، فضحك الجميع لان السيطرات بالنسبة لهم شيئ طبيعي ، اما لواحد مثلي الذي لم يمر عبر سيطرة واحدة خلال 13 سنة الاخيرة ولم يطلب احد هويتي، فهو شيئ "مزعج بعض الشيئ" . وصلنا بغداد قبل التاسعة والازدحامات تكثر وتكثر فاصبحنا نقف مدة اطول مما نسير حتى وصلنا كنيسة سيدة النجاة ، وبقربها هو الكراج الخاص بسيارات بغديدي، والساعة عبرت الثانية ظهرا. اخذت غرفة في فندق مجاور للكنيسة والغرفة ممتازة فيها حمام واسرة نظيفة ومريحة وتلفاز ومكيف هواء قطعتين (سبلت) . فضولي وخوفي وشوقي لبغداد دفعتني لان اسرع بالخروج الى الشارع لاستكشف الوضعية فدخلت الى كاتدرائية سيدة النجاة التي تربطني بها ذكريات خمس سنوات سكنت في بيت يبعد عن مدخلها مائة متر فصليت واشعلت شموعا امام مغارة العذراء بعدها سرت باتجاه الكرادة داخل وفي ازقتها وشوارعها الرئيسية والفرعية ووقفت امام "الكهرمانة والاربعين حرامي" التي كانت مياهها تتدفق ولكن الازدحام الشديد يحجب الرؤية والتركيز . ثم اخذت اسير باتجاه الكرادة داخل لارى الارصفة من كلا جانبي الشارع تعج بالبسطات والانارة وتسمع الاغاني من كل الاكشاك فبدت لي اجمل واحسن مما كانت في التسعينات وكل شيئ عادي وطبيعي ، بحيث استهواني المسير الرائع حتى الجسر المعلق ، ثم عدت ادراجي حتى وصلت الكهرمانة ثانية ، واثناء العودة تذكرت بانني كان يجب ان آكل شيئا فوجدت محلا يبيع الحلاوة الشكرية فاخذت نصف كيلو ثم جئت الى فرن الصمون الحجري واخذت صمونتين فكان عشائي بعد منتصف الليل صمون وحلاوة!! وما الذًها!! صباح اليوم التالي كنت على موعد مع صديق قديم لياخذني الى الدورة فجاءني في السابعة وتوجهنا الى الدورة لنصلها بعد التاسعة بعد مرورنا عبر شوارع الكرادة وعبور جسر الطابقين (واسمه الرسمي جسر الحسنين) وراجعت الدائرة التي جئت من اجلها وانجزت مهمتي بشكل رتيب ولطيف وبدون اي واسطة او وررق!!! بعدها مررنا على عدد من البيوت في الدورة، والله يساعد الجميع!! الشوارع ومعظمها مغلقة بالحواجز الكونكريتية من احد الطرفين واكوام النفايات هنا وهناك والحفر و"طسات" منتشرة، بالاضافة الى وجود سيطرات عديدة تجعلك تضحك وتبكي في آن واحد . مررنا على دكان صديق وقلت له: ما هذه الحواجزالعالية التي تقسم شارعكم على طوله الى نصفين؟ فقال : في الجانب الايمن منه شيعة والايسر سنة !!!! فنحن الان في الجانب السني. زرت بيتنا في بغداد والذي لم اره منذ 1997 وسالت ساكنيه عن الجيران القدامى فقالوا: باختصار نحن الوحيدون الباقون، فمنهم من هرب عندما سيطر الشيعة على هذه المنطقة ، والاخرون هربوا عندما سيطر عليها السنة وبذلك فان المنطقة الان سنية ، ولكن المسيحيين فلم يتجرا احد من اهالي المنطقة ان يعمد ايذاءهم. بعد الظهرعدت الى "الكراج" لاعود الى بغديدي فدخلت كنيسة سيدة النجاة واخذت عددا من الصور لها وامامها ثم استقلينا السيارة لنعود عن طريق الخالص- عظيم - طوز – كوير- بغديدي.
كنيسة سيدة النجاة:
ان الكنيسة ليست بالنسبة لي كنيسة للصلاة فقط ، انها المفخرة ، انها الصرح ، انها المدرسة ، انها ذكريات الجيرة لخمس سنوات ، ذكريات العماذات والتناولات والزيجات فزيارتي لها هي بمثابة زيارة الام الروؤم ومتحف الذكريات . بعد الزيارة الساعة الثانية ظهرا يوم الاحد 31/10/2010 استقلينا السيارة متجهين الى بغديدي وكنا سبعة من بغديدي وانا كرمشايا نتناقش بمختلف الامور : ساعة نضحك وساعة اختلاف الاراء الى حد العصبية ، وساعة تبادل المعلومات والذكريات، وساعة مشاهدة الصور التي التقطتها للكنيسة قبل ساعتين. بعد ان تناولنا الاكل في الدوز واثناء خروجنا لنستقل السيارة رن احد الهواتف ليقول: ان الكنيسة احتلت من قبل الارهابيين وجميع المصلين في قداس الساعة الخامسة محجوزين في الداخل وهناك اصوات الانفجارات واطلاق النار ، فصعقنا جميعا بالخبر الرهيب واخذنا نتنقل بين الاذاعات والاتصالات كل عبر هاتفه، وكل واحد يتأمل بمن من اهله او اصدقائه يحتمل ان يكون هناك ، وبعد ان وصلنا الى بغديدي شاهدنا الماساة المذبحة الفضيعة التي حلت بالكهنة والشمامسة والمصلين على شاشات التلفزيون، وفي الصباح علمنا بكل التفاصيل وان بغديدي قد ثكلت عددا من ابنائها الشهداء، وتقرر نقلهم الى بغديدي ، فكنا في اليوم التالي امام حزن واسى لا يوصف ، واجتمع في كنيسة الطاهرة الكبرى آلاف الناس وحولها مئات السيارات لتشييع كبير يوازي المصاب الجلل. بعد سبعة ايام عدت الى بغداد وتوجهت الى الدورة مباشرة لمراجعة احدى الدوائر وانهيت عملي فيها بسهولة وسرعة ثم توجهنا الى بيتنا في الدورة وزرت عددا من الاقرباء والاصدقاء وبتنا عند احدهم مشكورا ثم قلت لصديقي بعد الافطار : لنذهب الى بيتنا ثانية لاودع الناس فيه ونشرب القهوة ، وعند وصولنا وجدنا النساء يبكين فسالنا ما الذي حدث؟ فقالوا : بيت السيدة "ب" قد فجر من قبل الارهابيين فجر اليوم! و"ب" غديديثا تسكن مع زوجها واطفالهم الاربعة في بيت والدها وهو في الجهة المقابلة لبيتنا في نفس الشارع وعلى بعد خمسين مترا، فسالت "ب" عن زوجها والاطفال فقالت بان زوجها وثلاثة اطفال في مستشفى اليرموك وهم جميعا مصابون بجروح ليست خطيرة والحمد لله، فنصحني صديقي بان نغادر المنطقة باعتباري انا اجنبي (كندي) وسوف تاتي القوات وتمشط المنطقة ولربما "يروح جلدك للدباغ" فتوجهنا الى كنيسة سيدة النجاة لاعود الى بغديدي وكرملش . وصلنا الى الكنيسة فاذا بها مكتظة بالناس ، وبكاء وهرج ومرج فعلمنا بان هناك 7 بيوت للمسيحيين قد فجرت فجر اليوم في مختلف مناطق بغداد وقد لجا اصحابها الى الكنيسة ، فوجدنا بان الكنيسة قد هيات اماكن لمبيت الجميع والغداء وكل المستلزمات الانسانية لتامين سلامة الناس المرعوبين من الانفجارات التي كانت كلها امام ابواب المطبخ، فالباب الخارجي وجزء كبير من السياج والثلاجة والطباخ قد تحولت الى حطام. اتصلت ب"ب" وعرضت عليها وعلى الناس الذين يسكنون بيتنا ان ياتوا الى الكنيسة ، ولكنهم قالوا: لقد جاءت الحكومة واعادت بناء سياج بيت "ب" وحضر زوجها واولادها الى البيت والشرطة تحرس الشارع وقد وعدوا الساكنين بان يخلدوا الى الطمانينة وستبقى سيارة الشرطة مرابطة في هذا الشارع.
دخلت الى الكنيسة والتقطت عددا من الصور وهي تعكس حجم الماساة الكبيرة . زرنا رجلا لنقدم التعازي له بعد ان فقد زوجته وابنيه المهندسين وبقي وحيدا مريضا وهو في اواخر ستيناته لم يعد قادرا ان يتفوه باي كلمة بسبب هول مصيبته ، وفوق هذا فقد جاءه شباب من المنطقة ولفوا يافطة التعزية السوداء المعلقة على جدار بيته وقالوا له : انتم اصلا دمكم مهدور فلماذا ولمن تعلق يافطة نعي؟!!! هذه هي بغداد اليوم كما شاهدتها في الاسبوع الاول من تشرين الثاني 2010
كرملش العزيزة:
في طريقنا من مطار اربيل الى كرملش العزيزة مر الوقت بنا بسرعة مذهلة ولا ادري لماذا ، هل لشدة شوقي ام لان شريط الذكريات الطويل ألهاني ، وها هو قلد بربارة شامخا ، واشجار الكالبتوس العالية وخضرة المزارع وكروم العنب واضحة بل اوضح من تلة ترجلة وجبل بازكرتان وبيوت شيخمير وشاقلي ، وها نعرج يسارا باتجاه كرملش. يا لها من شعور جميل! فدقات القلب تضاعفت والشرر ينطلق من العيون! انني في كرملش! وجدتها قد اصبحت مدينة لطيفة تتباهى بكنائسها مار ادي والقديسة بربارة ومار كوركيس ومريم العذراء ،وفيها بيوت ذات طراز معماري حديث رائع ، اما اهلها الطيبون فلم اعد اعرف ايا منهم بسبب ذاكرتي الضعيفة وطول الفراق، مما جعلني اسال كل واحد القاه: من تكون؟ او اسال من يرافقني : من هذا؟ ولكن الامر لم يطل على هذا الحال حتى عادت الذاكرة تعمل واصبحت اسال: ها فلان كيف حالك؟ وبعد ايام تعرفت بالتفصيل عن امور الناس هناك، وقابلت عددا كبيرا من المعارف والاصدقاء القدامى، وعمالقة الكومبيوترامثال الاخوان سعدالله المامو ، بطرس زيباري ابو منذر ، الشماس يوسف جبرائيل وندوري العظيم وغيرهم، وكنت اقول لهم : الحمد لله ، انكم بخير واموركم تتحسن يوما بعد آخر ولكنكم بامس الحاجة الى الامان والسلام . نطلب من الرب ان يحقق الامن والسلام لعراقنا الحبيب . آمين
المهندس جرجيس يوسف الساعور /
كندا / 3/12/2010