المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سعد سلوم: على غرار السيد السيستاني، البطريرك ساكو هو صوت العراقيين


jerjesyousif
08-24-2023, 05:13 PM
سعد سلوم: على غرار السيد السيستاني، البطريرك ساكو هو صوت العراقيين

إعلام البطريركية الكلدانية - 23-8-2023



http://www.karemlash.net/up/uploads/169289371771231.jpg (http://www.karemlash.net/up/)

مقال للصحفي داريو سالفي (Dario Salvi) من شبكة (أسيا نيوز) الإخبارية/ ميلانو
ترجمة الاب افرام كليانا

تعمق الأكاديمي العراقي سعد سلوم، رئيس مؤسسة مسارات، في الأزمة الراهنة بين الكاردينال لويس ساكو ورئيس الجمهورية، بعد سحب الأخير المرسوم الجمهوري، معتبراً أن الكاردينال يناضل من أجل “الحرية والاستقلال”. ويؤكد – سلوم – بأن جذور الأزمة الحالية تعود إلى مرحلة القتال ضد داعش، عندما ظهرت على الساحة العراقية الميليشيات المسلحة (بما في ذلك المسيحية منها)، التي توجه بشكل فعّال الانتقادات ضد البطريرك بتسييس الأزمة، وهي انتقادات لا أساس لها من الصحة كما يرى سلوم.
إن الأزمة الحالية بين البطريرك الكاردينال لويس ساكو ورئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، ما هي إلاّ فتح جرح آخر يُضاف إلى جراحات العراق، والشعب العراقي بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص، وهو جرحٌ لكل أمة تدعي القدرة على حماية مواطنيها. يعلم الجميع، أن دور البطريركية الكلدانية في التاريخ الحديث للعراق فريد من نوعه في الحفاظ على اللحمة الوطنية، كما أن الكاردينال ساكو هو “ممثل لجميع المسيحيين” والذي يشكل الكلدان النسبة الأكبر منهم في العراق، وهو “الشخصية الأعلى رتبة” من حيث سلطته الأخلاقية والروحية والسياسية، من خلال الدور الذي دعي للقيام به.
سعد سلوم، هو صحفي وأستاذ للعلوم السياسية في الجامعة المستنصرية في بغداد، إحدى أرقى الجامعات في العاصمة بغداد، وهو يتابع باهتمام وقلق، تطورات الأزمة الخطيرة الجارية بين الرئيس العراقي ورئيس الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم. وفي مقابلة أجرتها معه آسيا نيوز، حذر رئيس مؤسسة مسارات، الرائدة في النضال من أجل الحوار والحرية والحقوق، من أن العلامات الأولى لهذه الأزمة قد ظهرت بالفعل في عام 2017 مع تقدم وصعود غير مسبوق للجماعات والميليشيات المسلحة على الساحة السياسية، بعد أن كانت تقاتل ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وأكد أن “الانقسامات الداخلية كانت موجودة منذ زمن، لكنها تفاقمت – حسبما يؤكد – مع تشكيل فصائل مسلحة بعد ظهور داعش في سهل نينوى”، وهي منطقة “ذات أغلبية مسيحية” تاريخيا.

الكاردينال ساكو: الحرية والاستقلال
منذ منتصف شهر تموز الماضي، ترك الكاردينال ساكو مؤقتا العاصمة العراقية وانتقل إلى أربيل في كردستان العراق، احتجاجاً على قرار رئيس الجمهورية بسحب المرسوم الجمهوري منه والذي يعترف من خلاله بدوره وسلطته في إدارة ممتلكات الكنيسة. من خلال هذا القرار المفاجئ لرئيس الدولة [الذي استقبل مؤخراً بطريرك السريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان “لمناقشة” أوضاع المسيحيين]؛ تبرأ رشيد من تقليد عمره قرون من خلال ضرب أعلى سلطة كاثوليكية في العراق، وهي المسؤولة أيضاً عن إدارة الممتلكات والأموال الكنسية. وهنا يظهر الهدف الأساسي من هذا القرار وهو: السيطرة على الممتلكات المسيحية والتي يسعى “ريان الكلداني” والميليشيات الموالية لإيران التي تدعمه للإستحواذ عليها، مما يشكل تهديداً حقيقياً للسلام والتعايش لأبناء الوطن الواحد. ورَداً على هذه الهجمات على الكنيسة، دعا الكاردينال إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة.
في نهاية الأسبوع الماضي، عاد الكاردينال للتعليق على الأزمة التي يعيشها المجتمع المسيحي والمؤسسة التي يمثلها. حيث شدد في تعليق نشره على موقع البطريركية الإلكتروني، أن “الكنيسة في العراق يجب أن تحافظ على حريتها واستقلالها”. وتابع قائلاً: “يجب على الكنيسة أن تدافع عن مسيحيي العراق من الأشخاص الذين يريدون تجريدهم من حقوقهم وفرصهم في العمل وممتلكاتهم، والتصدي لحملات التغيير الديموغرافي في سهل نينوى حيث غالبية السكان من المسيحيين. علاوة على ذلك، يجب على الكنيسة – كما يقول ساكو – أن “تدافع بقوة عن الحق تجاه نفسها وتجاه الوطن والمسيحيين” الذين أصبحوا بشكل متزايد “حلقة ضعيفة” في السلسلة، وأن يقبل المسيحيون “الحق فقط” ويتركون “الإطراء والتملق” جانباً. لأن “الظالم والمضطهد سوف يختفي عاجلاً أم آجلاً”.

أزمة تمثيل المسيحيين
يرى سلوم أن البطريرك الكلداني هو “ممثل المسيحيين” في ما يسمى “مجلس الحكماء”، ولهذا السبب لا يقتصر الصدام الحالي على “سحب المرسوم” بل هو “رسالة سلبية” من الدولة إلى الأقليات وفي المقام الأول للمسيحيين. ويتابع قائلاً، بأن هناك أزمة في تمثيل المسيحيين أنفسهم، وفي استقلالهم كما أكد البطريرك مرارا وتكرارا”. ويضيف أن البطريرك هو المسؤول الأول أيضًا “عن رعاية جميع الكنائس الموجودة في البلاد، والتي يبلغ عددها 14 كنيسة. وحتى النواب المسيحيون في البرلمان [وهم خمسة وفقًا لنظام توزيع الحصص “الكوتا”] يجب أن يهتموا بحقوق كل المسيحيين وليس فقط لمجموعة محددة ذات مرجعية أو انتماء معين”.
هناك قادة وحركات مسيحية مثل كتائب بابليون وريان الكلداني، يهاجمون الكاردينال ساكو ويتهمونه بممارسة دور ووظيفة “سياسية”، فيما يجب أن يقتصر دوره على “الشؤون الكنيسة”. وهنا، يوضح سلوم – الحاصل على جائزة مؤسسة زايد للتضامن الإنساني، وهي جائزة تمنح لشخصيات بارزة في مجال حماية الحقوق والحريات – يكمن سوء فهم هذه الحركات والمليشيات لدور البطريرك الحقيقي. في تاريخنا الحديث، يمكن مقارنة البطريرك بآية الله علي السيستاني في العالم الإسلامي الشيعي: “الشخصية الأعلى رتبة” الذي، رغم بقائه “بعيداً عن القضايا السياسية” لا يتهاون في التدخل “بمواجهة التهديدات التي يتعرض لها المواطنون”. فهو يدافع عن هوية الوطن وقيمه ونظامه السياسي “بإصدار الفتاوى”. ومع ذلك – يضيف سلوم – لا يجرؤ أحد على انتقاد دور السيستاني، لأنه يتحدث باسم كل العراقيين”. والدليل على ذلك ما حدث خلال تظاهرات تشرين عام 2019، عندما وقف “إلى جانب الشعب ضد القادة السياسيين الفاسدين غير القادرين على تحقيق مصالح الشعب”.

صوت العراقيين
يحاول الكاردينال من خلال حواراته وخطاباته العامة تجاوز الانقسامات وتوحيد المسيحيين تحت هوية عراقية مشتركة، مذكراً بالتحديات التي تهم الشعب بأكمله. وهنا يوضح – سلوم – مستشهداً ببعض المقاطع، من ان البطريرك “لا يسعى أبداً إلى أن يكون قطباً أو مرجعاً سياسياً للمسيحيين، ولكن من واجبه كأب وراعي، وعلى ضوء الوضع السياسي والاجتماعي والأمني ​​الراهن في أعقاب الصراعات المتعددة وظهور تنظيم داعش، أن يدافع عن المظلومين والنازحين والفقراء. وعليه أن يدعو إلى المصالحة الوطنية والشراكة الفعالة لبناء دولة القانون العادل والوطن الكامل والشامل.
ويشدد سلوم، بان البطريرك هو صوت المسيحيين في العراق، ويناضل ضد من “يهدّدون هويتهم ومستقبلهم والدور الذي يجب عليهم القيام به داخل الدولة”. ويجب علينا أن ننظر إلى دوره من خلال هذا المنظور. ومن هذا المنطلق فإن انتقادات “التسييس” الموجهة إليه ليس لها أي قيمة أو أساس. كما يؤكد سلوم، بأن ساكو والسيستاني “زعيمان روحيان” لهما “تأثير عميق” على المستوى السياسي بسبب “كاريزماهما” وارتباطهما بالوطن. ويختتم قائلاً: “كلاهما يحاول الدفاع عن حقوق الناس. البطريرك يمثل جميع المسيحيين، لكنه عندما يتحدث فهو يفعل ذلك نيابة عن كل الشعب العراقي، مذكرا بأن المسيحيين أنفسهم ليسوا أقلية، بل مواطنون متساوون في الحقوق.