jerjesyousif
08-31-2023, 10:37 PM
http://www.karemlash.net/up/uploads/169351772127591.gif (http://www.karemlash.net/up/)
عنكاوا.كوم « في: 28/08/2023 »
رثاء المطران ربان
شمعون كوسا
لقد رحلتَ يا مطران ربان ، تاركا للزمن حفنة كبيرة من سنوات من عمرك ، واأسفاه لاختفائك ضحية مرض طرحك وأودى بك مبكرا. أخاطبك يا رّبان وانت تلميذ في معهد مار يوحنا الحبيب ، الشاب الانيق النشط ، المتّقد حيوية ، الذي لا تفارق الابتسامة شفتيه . شاب شجاع جميل . كنتُ اسبقك أنا بأربع سنوات ، ولكني احببتك وكأنك زميل صفي ، وكنتُ اراسلك في عطلة الصيف ، وكما قلتَ لي يوما ، بانك كنتَ تحتفظ بكل رسالة بعثنها لك في معهد مار يوحنا الحبيب .
وبعد رسامتك يا قس ربان ، مَن لا يعرفك في كوماني ، فلاحاً يعيش بعرق جبينه في حرث الارض وزرعها وبذرها تربتها ، وحصد محاصيلها ، وايضا متابعة الاشجار وتقليمها في بستانك المجاور . كما اهتممت بتربية النحل واطعمت الاخرين من العسل الذي كنت تنتجه . مَن لم يزرك في قرية كومانى ليرى بنفسه كَرَمك وضيافتك ، والاطلاع على الحياة المتواضعة التي كنت تعيشها ؟
عند ادائك لخدمة العلم ، كنت محبوبا من كافة الجنود والضباط ، الى درجة ان الضباط انفسهم كانوا ينقلونك بطائرة الهيلكوبتر من وحدتك العكسرية الى الكنيسة لتقيم قداس الاحد .
وبعد رسامتك الاسقفية كان نجمك ساطعا بغيرتك الرسولية في المنطقة وخارجها ، وحتى خارج العراق ، ولقد تعرفت على جهات خارجية ساهمت في مشاريعك لاسيما انشاء مدرستك الفرنسية الشهيرة في دهوك .
وكيف ينساك اهل شقلاوا وعينكاوا والمنطقة كلها ، عندما توليت كرسي المطرانية في اربيل لعدد من السنوات . كنت الراعي الحكيم الصالح ولا سيما وان مسؤولي المنطقة كانوا يعرفونك ويكنّون لك كل الاحترام والحبّ وهذا كان يسهّل مهمتك .
وحتى في فرنسا هنا ، في مدينة نانت ، لا تنسى الجالية زيارتك التاريخية والقداس الذي اقمته هنا ، حيث كان الحاضرون متلهفين لرؤيتك وسماع كلامك .
كيف ننسى بلاغتك في الوعظ وفي الحديث العادي ، كلام يتدفّق بغيرة وروحية قوية كانت تأكل دواخلك . كنت حريصا على ان يصل كلامك الى كل الناس ، ولاجله كنت تستخدم الكثير من اللغات التي تتقنها. كان يروق لك ان تقول لمن اختلفوا فيما بينهم ، أو تخاصموا ، أوتفارقوا ، كنت تقول لهم : هل انتم مسيحيون ؟ ألستم كاذبين عندما تقولون كل يوم في الصلاة الربانية : اغفر لنا خطايانا كما نحن ايضا نغفر لمن اخطأ الينا ، اين غفرانكم ومسامحتكم ، هل انتم صادقون فعلا في صلاتكم ؟
كان حبّ الناس لك لا يقتصر على المسيحيين ، ولكن حتى المسلمين في منطقتك كانوا يكنّون لك نفس الحب ، ولقد رأيت بعيني عندما رافقتك مرة ، ما كنت تؤديه من خدمات لعوائل مسلمة كانت على طريقك من كوماني الى اربيل . ولقد قلتَ لي مرّة بأن اهل منطقتك المسلمين ، لفرط اعجابهم بك وحبهم لك ، كانوا يطلبون منك مشاركتهم في احزانهم وتعازيهم ، وفي فاتحاتهم يطلبون منك ان تصلي او تقول شيئا . كان كلامك لديهم ثمينا.
هناك الكثير يا سيدنا ربان قوله عن شخصيتك ، عن حياتك ، عن روحيتك ومنجزاتك . ولعل لكافة أصدقائك الاخرين ايضا صحائف كاملة لسردها عن مآثرك . من المؤسف جدا ان تكون نهايتك بهذا الالم وهذه الصعوبة ، ولكن هذه هي الحياة ، فعلى كل كائن بشري أن يردّ روحه يوما ، وكان اليوم دورك .
اني على يقين يا سيدنا ربان العزيز ، أن روحك ترفرف في ملكوت الله ، بمعية من خدموا المسيح بكفاءة ونشاط ، في عالم النعيم الابدي ، بعيدا عن عالمنا ، عالم المادة والخصام والنفاق والتنافس .
صلّ لاجلنا في عليائك يا ايها العزيز ،مطران ربّان .
شمعون كوسا
عنكاوا.كوم « في: 28/08/2023 »
رثاء المطران ربان
شمعون كوسا
لقد رحلتَ يا مطران ربان ، تاركا للزمن حفنة كبيرة من سنوات من عمرك ، واأسفاه لاختفائك ضحية مرض طرحك وأودى بك مبكرا. أخاطبك يا رّبان وانت تلميذ في معهد مار يوحنا الحبيب ، الشاب الانيق النشط ، المتّقد حيوية ، الذي لا تفارق الابتسامة شفتيه . شاب شجاع جميل . كنتُ اسبقك أنا بأربع سنوات ، ولكني احببتك وكأنك زميل صفي ، وكنتُ اراسلك في عطلة الصيف ، وكما قلتَ لي يوما ، بانك كنتَ تحتفظ بكل رسالة بعثنها لك في معهد مار يوحنا الحبيب .
وبعد رسامتك يا قس ربان ، مَن لا يعرفك في كوماني ، فلاحاً يعيش بعرق جبينه في حرث الارض وزرعها وبذرها تربتها ، وحصد محاصيلها ، وايضا متابعة الاشجار وتقليمها في بستانك المجاور . كما اهتممت بتربية النحل واطعمت الاخرين من العسل الذي كنت تنتجه . مَن لم يزرك في قرية كومانى ليرى بنفسه كَرَمك وضيافتك ، والاطلاع على الحياة المتواضعة التي كنت تعيشها ؟
عند ادائك لخدمة العلم ، كنت محبوبا من كافة الجنود والضباط ، الى درجة ان الضباط انفسهم كانوا ينقلونك بطائرة الهيلكوبتر من وحدتك العكسرية الى الكنيسة لتقيم قداس الاحد .
وبعد رسامتك الاسقفية كان نجمك ساطعا بغيرتك الرسولية في المنطقة وخارجها ، وحتى خارج العراق ، ولقد تعرفت على جهات خارجية ساهمت في مشاريعك لاسيما انشاء مدرستك الفرنسية الشهيرة في دهوك .
وكيف ينساك اهل شقلاوا وعينكاوا والمنطقة كلها ، عندما توليت كرسي المطرانية في اربيل لعدد من السنوات . كنت الراعي الحكيم الصالح ولا سيما وان مسؤولي المنطقة كانوا يعرفونك ويكنّون لك كل الاحترام والحبّ وهذا كان يسهّل مهمتك .
وحتى في فرنسا هنا ، في مدينة نانت ، لا تنسى الجالية زيارتك التاريخية والقداس الذي اقمته هنا ، حيث كان الحاضرون متلهفين لرؤيتك وسماع كلامك .
كيف ننسى بلاغتك في الوعظ وفي الحديث العادي ، كلام يتدفّق بغيرة وروحية قوية كانت تأكل دواخلك . كنت حريصا على ان يصل كلامك الى كل الناس ، ولاجله كنت تستخدم الكثير من اللغات التي تتقنها. كان يروق لك ان تقول لمن اختلفوا فيما بينهم ، أو تخاصموا ، أوتفارقوا ، كنت تقول لهم : هل انتم مسيحيون ؟ ألستم كاذبين عندما تقولون كل يوم في الصلاة الربانية : اغفر لنا خطايانا كما نحن ايضا نغفر لمن اخطأ الينا ، اين غفرانكم ومسامحتكم ، هل انتم صادقون فعلا في صلاتكم ؟
كان حبّ الناس لك لا يقتصر على المسيحيين ، ولكن حتى المسلمين في منطقتك كانوا يكنّون لك نفس الحب ، ولقد رأيت بعيني عندما رافقتك مرة ، ما كنت تؤديه من خدمات لعوائل مسلمة كانت على طريقك من كوماني الى اربيل . ولقد قلتَ لي مرّة بأن اهل منطقتك المسلمين ، لفرط اعجابهم بك وحبهم لك ، كانوا يطلبون منك مشاركتهم في احزانهم وتعازيهم ، وفي فاتحاتهم يطلبون منك ان تصلي او تقول شيئا . كان كلامك لديهم ثمينا.
هناك الكثير يا سيدنا ربان قوله عن شخصيتك ، عن حياتك ، عن روحيتك ومنجزاتك . ولعل لكافة أصدقائك الاخرين ايضا صحائف كاملة لسردها عن مآثرك . من المؤسف جدا ان تكون نهايتك بهذا الالم وهذه الصعوبة ، ولكن هذه هي الحياة ، فعلى كل كائن بشري أن يردّ روحه يوما ، وكان اليوم دورك .
اني على يقين يا سيدنا ربان العزيز ، أن روحك ترفرف في ملكوت الله ، بمعية من خدموا المسيح بكفاءة ونشاط ، في عالم النعيم الابدي ، بعيدا عن عالمنا ، عالم المادة والخصام والنفاق والتنافس .
صلّ لاجلنا في عليائك يا ايها العزيز ،مطران ربّان .
شمعون كوسا