العلاقات والادوار في الكنيسة على ضوء خبرة سينودس “السينودالية”
الكاردينال لويس روفائيل ساكو/ روما
نحن في نهاية الأسبوع الثالث من سينودس السينودالية (السير معاً والعمل معاً)، حيث تدور النقاشات والمداخلات بحرّية وانسيابية، وتُقدم الطروحات بالرغم من أن عدد المشاركين كبير (376).
السينودس زمن الكنيسة، الجميع فيها أعضاء متَّحدون، ولا يُستثنى أحد. والكل يتطلع الى أن تؤدي حصيلة المناقشات في النهاية، إلى قرارات ملموسة تمكّن الكنيسة من تنظيم ذاتها بحسب الزمان والمكان، وتفعيل دورها أكثر في مجتمعات متعددة ومختلفة بحيث تحوّل البُعد الى القُرب، والاختلاف الى الاستقبال بشفافية.
ما جلب انتباهي خلال الأسابيع الثلاثة هو الاهتمام الكبير بخبرة الكنائس الشرقية التي استقطبت المشاركين: تقليدها الرسولي، اعتماد أسلوب السينودس في اتخاذ القرارات التدبيرية والليتورجية والرعوية. وشدَّهم مفهوم الاُسقف كأب يرافق ويوجّه وينشّيء ويخدم بمحبة “فقَد أَتَيتُ لِتَكونَ الحَياةُ لِلنَّاس وتَفيضَ فيهِم، أَنا الرَّاعي الصَّالح أَعرِفُ خِرافي وخِرافي تَعرِفُني” (يوحنا 10/ 10، 14). هذه الحياة يتلقاها المؤمنون باقتبالهم الاسرار المقدسة.
بصراحة، عندما يوجد وعي قوي بحضور المسيح، والرغبة والعمل في جمع الناس معاً حوله، يسير كل شيء على ما يرام (طالع أداة العمل رقم 90)، متَّحدين في العقيدة والصلاة وتناغم الانضباط discipline. هذه الروحانية توحّد الكنيسة وتعزّز مصداقيتها، ومن هنا تبرز ضرورة التنشئة المنفتحة والمستدامة.
السؤال الجوهري المطروح هذه الأسابيع كان: كيف يمكن للكنيسة ان توسع نظرتها، وتنفتح على زمانها، وتنتبه الى علامات الأزمنة بروح النبوّة.
كيف يمكنها تحديد أدوار العلمانيين رجالاً ونساءً فيها وفق مشروع السينودالية في الشركة والشراكة والرسالة، وتحقيق مشاركتهم الفعلية في حياة الكنيسة ورسالتها في سياق تغيُّر الزمن والثقافة خاصة الرقمية واللغة والبيئة.
أعتقد هذا يتحقق عندما تسير الكنيسة معاً نحو التوبة والتجديد، والاهتداء الى الينابيع: كلمات المسيح وأعماله في العهد الجديد، خبرة كنيسة الرسل، مسيرة الكنائس في القرون الأولى، وتقاليد الكنائس الشرقية الرسولية.. الخ.
لا بدَّ من معايير جديدة تمكّن الكنيسة الجامعة (Church of Churches) كنيسة الكنائس من اتخاذ القرارات المناسبة وتنفيذها في هياكل وطرق متجددة، لتعكس وحدة الكنائس المحلية، وحدة ديناميكية وليست جامدة، رغم تنوّعها، مثل هذا التنوع الثري يرسّخ الوحدة من خلال الافخارستيا (سرّ الوحدة).
للكنائس الشرقية خبرة تاريخية طويلة باندماج العلمانيين في الخدمة والقرار من خلال المجلس الخورني والأبرشي الحقيقي1 وكان هناك علمانيون يشتركون حتى في اختيار البطريرك. لذا يتعيّن على الكنيسة احترام العلمانيين من كلا الجنسين، والاستفادة من غنى قدراتهم (كاريسما) ومهاراتهم واختصاصهم في التعليم المسيحي وإدارة أموال الكنيسة، والمجال الرعوي والليتورجي لخير الكنيسة العام، في الخورنة والأبرشية والبطريركية بالإتحاد مع الكنيسة الجامعة.
لكل انسان الحق كابن وبنت لله التمتع بمكانته ودوره في الكنيسة بحكم نيله المعمودية والميرون والافخارستيا. على المسؤولين في الكنيسة الانتباه إلى السياق المتغير للمجتمع (العولمة والتحولات المتسارعة) والثقافة الرقمية، لجذبهم الى الكنيسة وشدّهم اليها.
على الكنيسة إيجاد لغة لاهوتية جديدة وطريقة فعالة للأستجابة الى تطلعات المؤمنين واعدادِهم وتشجيعهم على إعلان الإنجيل بفعالية في عصرنا بما يعكس وعي الكنيسة برسالتها وإظهار حيويتها على ضوء الكنيسة الأولى الذي يعكسه سِفر أعمال الرسل، لئلا يفقد المؤمنون فرح الإنجيل وحماسة الإنتماء الى عضوية الكنيسة. الإصلاح يرسّخ الأمل بمستقبل أفضل.
المعوّقات
هي سلوك لا يتوافق مع الإيمان والالتزام المسيحي. أرى ان المعوّقات الكبرى التي تعيق الرسالة والسينودالية (وقد ذكرتها في مجموعتنا) هي:
الفكر التقليدي عند بعض رجال الدين الذي يتحول بسرعة الى درجة التطرف وكأن المسيحية أيديولوجية جامدة، وليست علاقة إيمانية شخصية، علاقة حبّ حرة.
العقلية الاكليروسانية، تسلُّط الاكليروس على الكنيسة.
استعمال السلطة المركزية للبطريرك أو الاُسقف أو الكاهن كسيادة وليست كخدمة أبوية وروحية وأخلاقية في مرافقة إخوانهم وأخواتهم في الكنيسة من دون إستثناء، خصوصاً المتألمين والمحتاجين.
الفساد المالي، بعض رجال الدين يتحولون الى إدارة الأموال بدل الخدمة الروحية والإنسانية. أرى ان مشكلة الفساد في الكنيسة ستشكّل تحدياً للكنيسة بعد أزمة التحرش الجنسي بالأطفال، paedophile.
البيروقراطية خاصة في الدوائر الرومانية والتي تضيّع الفرصة والحماسة لدى الكنائس الشرقية والمحلية.