قصص من الماضي - الباكستانيون
قبل اكثر من عشر سنوات كتبت في مواقعنا الالكترونية سلسلة من "قصص من الماضي" ويعجبني ان اعيد نشر قسم منها، ففي قراءتها متعة وابتسامة.
هذه واحدة من تلك القصص:
قصص من الماضي: الباكستانيون
كنا نقوم بانشاء مشروع للبتروكيمياويات كبير جدا في منطقة المسيب عام 1990 تنفذه هيئة التصنيع العسكري، وكنت انا المهندس الكهربائي المسؤول عن التنفيذ , وكان جميع الكهربائيين هم من الكهربائيين العراقيين الجيدين المنسبين من الجيش الى التصنيع العسكري.
في احد الايام استدعاني المدير وقال: استقدمنا لك سبعة كهربائيين من الباكستان للعمل في المشروع كوجبة اولى , وسنجلب لك العدد الذي تطلبه من هذا البلد عند الحاجة اذا ما وجدت بانهم جيدين . اخذتهم وامتحنتهم لاقف على مستواهم العلمي والعملي , ثم وزعتهم على المجاميع العاملة في الموقع وطلبت من "رؤساء العمال " لاشراكهم في العمل ومراقبة مستوى كل منهم وتقديم تقرير يومي عن كل واحد . سار كل شيئ بشكل جيد وكانت التقارير عن جميعهم مشجعة لابقائهم , وهكذا اعلمت المدير بانهم كلهم جيدين.
في يوم الخميس الثاني جاؤا الي وقالوا: استاذ هل نستطيع ان ننزل الى بغداد؟ فقلت لهم: نعم , ولكن يجب ان تكونوا هنا الساعة السادسة صباح السبت او قبله , وبامكانكم ان تاتوا معي بسيارتي الى بغداد وانا ساعلمكم اين تذهبون وكيف تعودون يوم الجمعة , واين توجد فنادق جيدة رخيصة للمبيت.
انتهى الدوام يوم الخميس فتهيئوا هم بملابس نظيفة , فيما نحن المهندسون نعقد الاجتماع اليومي الاعتيادي لما تم انجازه , وما هي المعوقات – ان وجدت – وما اذا كنا نسير مع البرنامج او نسبقه او متاخرين .
جئنا الى بغداد وانا اعطيهم التعليمات حول النقليات العامة واجرة "النفر" واجرة التكسي وثمن الاكل وانواعه , بالاضافة الى شرح بسيط عن كل مدينة او قرية نمر بها حتى وصلنا الدورة قرب موقف سيارات الباب الشرقي وفجاة صاح احدهم , ثم تلاه الاخر: انظروا صليب!!! !Look! Cross فقلت: ماذا بكم؟ لماذا تستغربون؟ فقالوا: اندهشنا بان نجد صليبا على قبة في بلد لا يوجد فيه مسيحيون!!! فقلت: ولماذا لا يوجد ؟ في العراق مسلمون ومسيحيون وديانات ومذاهب عديدة نعيش كإخوة وكل على دينه، انا مسيحي , وهذه الكنيسة كنيستي الكاثوليكية , وتلك الكنيسة الثانية هي ايضا لمسيحيين غير كاثوليك , ولكن كيف عرفتم بان هذا هو صليب المسيحيين؟ فقالوا: نحن السبعة مسيحيون كاثوليك!!! فاصبحت انا المندهش حيث لم اكن اعلم بوجود مسيحيين في الباكستان!!! لم يدم عملهم معنا طويلا حيث بعد اشهر قليلة من عملهم معنا ابتدات "عاصفة الصحراء" التي عصفت بنا جميعا – العراقيين والباكستانيين – بعد ان تبادلنا معلومات قيمة عن امور المسيحيين في العراق والباكستان.
المهندس جرجيس يوسف - 2011