إسطنبول: هل تتحوّل آيا صوفيا الى جامع؟ ما حصل في ٢٣ مارس مقلق!
AFP PHOTO / SEZAYI ERKEN TURKEY, Istanbul : Picture taken 03 July 2007 shows the Hagia Sophia, a sixth-century Byzantine church converted to a mosque under the Ottoman empire and now turned into a museum in Istanbul. The Hagia Sophia is in competition for the "new" Seven Wonders of the world private Internet poll due to be released 07 July. AFP PHOTO / SEZAYI ERKEN
أليتييا - عون الكنيسة المتألمة | مايو 05, 2020
كانت كنيسة القديسة صوفيا في إسطنبول في تركيا مركز الأرثوذكسيّة قبل أن تتحوّل الى جامع ومن ثمّ الى متحف. في هذا المكان، المُحايد رسمياً منذ العام ١٩٣٤. سُمعت مجدداً الدعوة الى صلاة المسلمين في ٢٣ مارس الماضي. حصل ذلك للمرّة الأولى منذ ٨٥ سنة في ٣ يوليو ٢٠١٦. ومن أجل الوقوف عند الأسباب والمُحفزات، أجرت مؤسسة عون الكنيسة المتألمة مقابلة مع إيتيان كوبو، وهو مؤرخ متخصص في تركيا المعاصرة. هو عميد سابق في المعهد الفرنسي للدراسات التركيّة (إسطنبول) وباحث سابق في المركز الوطني للبحث العلمي وله مدونة مكرسة بشكل كامل للشؤون التركيّة. أجرى المقابلة كريستوف لافونتان.
كيف تفسر مطالبة المسلمين الصلاة في آيا صوفيا في إسطنبول؟
إن مطالبة استعادة الإسلام بازليك القرن السادس مطالبة قويّة منذ الذكرى الخمسمئة لاحتلال القسطنطينيّة في العام ١٤٥٣. فبعد الفتح الإسلامي، قرر السلطان التوجه الى آيا صوفيا للاحتفال بالنصر فحوّلها بحكم الواقع الى جامع. وأعطى هذا الحدث طابعاً مسلماً رسمياً لهذه الكنيسة التي أصبحت رمزاً للإسلام التركيّة علماً أنه وللمفارقة حافظت على اسمها اليوناني المسيحي، آيا صوفيا. قرر أتاتورك، مؤسس الجمهوريّة التركيّة وأوّل رئيس لها بين العامَين ١٩٢٣ و١٩٣٨، أن يُعطي لآيا صوفيا طابعاً علمانياً في العام ١٩٣٤ فحوّلها متحفاً وبقيّت على هذه الحال حتى الآن.
- هل تُعتبر المطالبة بعودة الصلاة المُسلمة الى آيا صوفيا رفضاً للعلمانيّة التي أرادها أتاتورك؟
حصل احتفال العام ١٩٥٣، المتواضع في حينها، في فترة مناهضة للعلمانيّة، فترة عودة الدين مع حكومة حزب عدنان مندريس الديمقراطي (١٩٥٠ – ١٩٦٠) الذي صرح في العام ١٩٥٦: “الأمة التركيّة أمة مسلمة”. ويتناسب هذا التصريح مع شكل تركيا التي أصبحت بحكم الواقع مسلمة بنسبة ٩٩٪ بعد إبادة الأرمن وترحيل الروم الأرثوذكس وذبح اليهود وأصبح الشعار المفضل لليمين التركي المتطرف.
عندما عاد الإسلام السياسي الى السلطة من يونيو ١٩٩٦ حتى يونيو ١٩٩٧، وعد رئيس الوزراء نجم الدين أربكان ناخبيه بعودة الكنيسة الى الإسلام. لم يبقى في الحكم فترة طويلة لتحقيق هذا المشروع. لكن وفي الحقبة نفسها، أي من العام ١٩٩٤ حتى العام ١٩٩٨، تبوء رجب طيب أردوغان منصب رئيس بلديّة إسطنبول وقطع الوعود نفسها. أطاح به الجيش في العام ١٩٩٨ حتى وأنه أُدخل السجن بتهمة “تعرضه للعلمانيّة”.
في العام ٢٠١٨، تلا أردوغان، بصفته رئيس تركيا، الآية القرآنيّة الأولى في آيا صوفيا، وأعلن في مارس ٢٠١٩ أنه يريد تحويلها من متحف الى جامع. فهل يمكن ربط ذلك بالدعوة الى الصلاة في ٢٣ مارس؟
أعتبر أن عدد كبير من الإجراءات التي اتخذها أردوغان منذ العام ٢٠٠٢ وخاصةً في العام ٢٠١٢ تهدف الى تحقيق هدف سياسي يرقى الى أكثر من ٥٠ سنة وانتقام لجرح الإطاحة به في العام ١٩٩٨. وأعتقد أن صلاة مارس الماضي ليست سوى تحقيقاً (ولو متواضعاً حتى الآن) لهذا المسار. لا يجب النظر الى نظام أردوغان على اعتباره مرحلة جديدة إذ ليس سوى نتيجة لمسار إسلامي وطني طويل لم يتمكن حتى الآن من أن يكون سيادياً.
ما قد تكون ردة فعل المسيحيين في تركيا؟
إن “العالم المسيحي” في تركيا متحفظ للغاية وأعني الجماعة الأرثوذكسيّة التي هُجرت على مراحل في العام ١٩١٤ ومن ثمّ العامَين ١٩٥٥ و١٩٦٤ دون الحديث عن ترحيل الأرثوذكس من شمال قبرص في العام ١٩٧٤. وتتجدد الدعوات الى التحفظ بإلحاح من قبل المرجعيات الدينيّة التي تطلب بعدم الشكوى أو الاعتراض. إن الصوت الأرثوذكسي الوحيد في تركيا هو صوت بطريركيّة القسطنطينية المسكونيّة لكن لقاءات البطريرك مع السلطات التركيّة دائماً ما تكون دبلوماسيّة جداً. هل يبقى العالم الأرثوذكسي من اليونان حتى روسيا مكتوف الأيدي إن عاد المكان الى المسلمين كما حصل في العام ١٤٥٣؟ ذلك غيّر مرجح على ضوء السياق الحالي المعقد للعلاقات مع روسيا بشأن سوريا.