رثاء القس البير ابونا
شمعون كوسا - عنكاوا.كوم
مهما قلت ومهما كتبت عنك لأمدح اعمالك واحصي منجزاتك ، لا أفي بحقك لانك كنت حقّا بحرا لا يحدّ ، عبر علمك وتعلميك ، عبر الدروس التي القيتها علينا ، عبر تآليفك وعبر تراجمك ، وخاصة وهذا الاهم عبر استقامتك في رسالتك الكهنوتية .
لقد امضيتُ شخصيا بصحبتك احدى عشرة سنة مع كافة زملائي في معهد مار يوحنا الحبيب. نحن طلابك مدينون لك بكل ما نقتنيه الان من اساس متين في اللغة العربية واللغة الارامية . كنت ترافقنا وتكمل تدريسك في العربية حتى اثناء وجبات الطعام حيث كنت تصحح لقارئ الكتاب ، ادنى الهفوات ، لكي تكون اللغة خالية من اية شائبة أو خطأ في الصرف أوالنحو .
قمتَ بتدريس اللغة الارامية وأمّنت هذا التعليم لكافة الاكليريكيين ، وفيما يخصني أنا ، عرفتك مدرسا لمدة ثماني سنوات ، وكانت السنة الثامنة مكرسة لتدريس تاريخ الادب السرياني الذي كنت قد وضعته آنذاك ، قبل طباعته فيما بعد.
كنتَ الكاهن الذي استمر وفيّا لرسالته بالرغم من بعض العقبات ، بقيت وفيّا لخطك وحافظت على روحيتك . وانا اعرف بانه سنحت لك فرص الارتقاء الى درجات اعلى ، ولكنك ابيت الا الاستمرار في نهج كنت تجد سعادتك فيه ، في نهج عطاء لا يمكن لغيرك ان يقوم به . وهذا العطاء استمر الى آخر دقيقة قبل وقوعك طريح الفراش ، صريع مرض قضى عليك .
يا ابونا البير لقد تركت وراءك فراغا بل هوة سحيقة لا يمكن ردمها لانه لم تعد هناك امكانية تضاهي ما كنت تمتلكه.
يعزّ عليّ ان اناديك مرحوما ، لاني مثل الكثيرين كنت اعتبرك شخصا ازليا ، يجب ان يبقى حيا . وها انك قد غادرت الى عالم الازلية في ملكوت الله.
ستبقى في اعماقنا لسنوات طويلة اخرى ، لان ما اكتبه عنك الان يرقي الى اكثر من خمسين سنة خلت.
صلّ لاجلنا في عليائك ايها العزيز القس البير ابونا .