قصص من الماضي - كركوك وصبري
قبل اكثر من عشر سنوات كتبت في مواقعنا الالكترونية سلسلة من "قصص من الماضي" ويعجبني ان اعيد نشر قسما منها، ففي قراءتها متعة وابتسامة.
هذه واحدة من تلك القصص:
كركوك وصبري
(رحمة الله على ارواح من غادرنا الى عالم الخلود من الذين وردت اسماؤهم هنا)
اتصل بي عديلي غديدايا في اوائل السبعينات من كركوك ,حيث يعمل ويقيم فيها , لان نذهب عندهم يوم – يومين عند ذهابي الى كركوك والمنطقة الشمالية بمهمة رسمية . وقد جاء اليوم الذي ساقوم بجولة تتعلق بوظيفتي الى الموصل , اسكي كلك , اربيل , كركوك , السليمانية , فتحركنا صباحا من بغداد مع عائلتي, وقد اتفقنا انا وعديلي بان ينتظرني في محل الاحذية الذي كان يعمل فيه بائعا بعد دوامه في الشركة العامة للسيارات نهارا. انجزت المهمة في الموصل ثم تناولنا الغداء في بيتنا في كرملش ثم ذهبنا الى اسكي كلك واربيل وانجزت المهمة ثم الى كركوك. كان سائقي يسير ببطء كبير غير معتاد للتويوتا لاند كروزر لانه , حسبما قال لي , هذه اول رحلة له الى الشمال , ولاول مرة يسوق السيارة في الطريق –نزلات صعدات- كما كان الطريق آنذاك , فوصلنا متاخرين الى كركوك لنجد جميع المحلات مغلقة . اصبح امامنا ان نذهب الى الفندق , ولكن فكري سيبقى مشغولا بعديلي الذي هيأ لنا "المسكوف وحليب سباع " فقررت ان نذهب الى الحي الذي يقيم فيه لعلي اسال عن داره واجده . فقرعت باب احدى الدور ففتح لي رجل وفي يده مسدس ويده على الزناد , فسالته بلطف بعد السلام : هل تعرف بيت ز. أ. ه . فقال لا , واغلق الباب بوجهي بقوة . ونحن نسير ببطء ونفكر ماذا نفعل وجدت لافتة مستطيلة فوق باب احدى الدور تقرأ : المضمد المجاز صبري بطرس . فقلت للسائق : توقف , وفكرت انه اذا كان هذا هو صبري كرمشايا فاننا وصلنا , وان كان صبري آخر فسوف لن يخرج وبيده مسدس !!! فقرعت الباب فجاء صوت من الداخل : من الطارق ؟ قلت : جرجيس كرمشايا. فقال : جرجيس بعم يوسب ؟ قلت نعم وكان قد فتح الباب اصلا لنتبادل القبلات –التحية التقليدية العراقية – فقلت له: انا ذاهب عند السيد ز. ا. ه. فهل تعرف اين يسكن؟ فاجاب : انه صديقي ايضا , ولكنه يسكن بعيدا من هنا , ومن الصعب الذهاب هناك في هذا الوقت المتاخر من الليل وفي هذه الظروف , فقلت : ولكنني يجب ان اذهب وان الظروف اعتيادية , والساعة العاشرة ليست " في هذا الليل" فقال : يستحيل ان اترككم تغادروا هذا البيت حتى الصباح , فقلت : جيد . ساذهب مع سائقي لينام في الفندق واعود . فذهبنا انا وصبري الى الفندق حيث رتبنا الامور وعدنا سيرا الى البيت. تعشينا و"شربنا" واستمرت "السوالف " حتى وقت متاخر ليلا عن امور الاهل وكرملش وغيرها . صباحا واثناء فطور الكيمر والعسل واللبن تفاجانا بحضور عديلي وزوجته (أخت زوجتي) ليسلموا علينا , ويعاتبوا صبري وعائلته على "كتمان سر" وجودنا عندهم من مساء امس حيث علمت بانهم جيران وعلى بعد امتار فقط!!!
جرجيس يوسف الساعور (2009)