من حياتي .. المطران حبيب هرمز
اخبار البطريركية / 8-5-2023
من حياتي
المطران حبيب هرمز
كنت اقرأ مجلة الفكر المسيحي وانا طالب في قسم الجيولوجي قبل 40 سنة فانتبهت بشوق الى مقال للأب لويس ساكو (غبطة الكردينال). ومنذ ذلك اليوم وسيدنا هو في ذاكرتي كنعمة كبيرة للكنيسة والعراق ثم رفيق العمل في الكنيسة واتابع أعماله وكتاباته وخطاباته الرائعة.
اشكر الرب اني كنت تحت رعايته وانا في السنة الأخيرة في المعهد الكهنوتي. كان يرشح لي كتباً باللغة الإنكليزية كي اترجمها ويقول هذه مهمة لتقوية روحية أبناء الكنيسة. وكنت احب الترجمة من الكلداني الى العربي أيضاً فكان يهتم بتنقيح النص رغم انشغالاته العديدة قبل نشره في مجلاتنا.
كنت استمع الى اشخاص يتحدثون لي عن حب العائلات له وهو يخدمهم في الدورة وعن روح التجرد لديه. هو اكد ويؤكد على الإلتزام فكان يعود الى الدير قبل الساعة التاسعة مساء ليتفرغ الى حياته الروحية وأعماله الفكرية.
وعندما كنتُ في لندن ارسلتُ له مرة نسخة من مجلة القيثارة التي كنتُ اُصدرها كل شهرين فكان يشجعني ويقول نحتاج مسيحيين مثقفين واعين يقرأون علامات الأزمنة ويعيشون قيمهم المسيحية.
عندما كان خورياً لكنيسة ام المعونة في الموصل كان يجمع المؤمنين في قاعة الكنيسة وينظم طعام العشاء للحضور بعد القداس بنصف الكلفة ويقول “ندفعها من الكنيسة حتى لا نُثقل على أحد”. وهذه شهادة أحد الحاضرين لي.
وكان الأب لويس أول من فتح روضة كنسية في العراق (اعتقد سنة 1996). وفتح الأب حبي في كنيسة مار كوركيس ثاني روضة (1997) وسيدنا متي متوكا فتح الثالثة. هؤلاء شهود الإيمان يجب ذكرهم للجيل الجديد.
ولا ننسى التطور الكبير لأبرشية كركوك عندما كان راعيها. وعندما جئتُ الى أبرشية البصرة قال لي أحد الكهنة: سيدنا انتم رسمتم ثلاثة: واحد لأبرشية كاملة مكملة (يقصد كركوك) وآخر معاون في البطريركية وانت اجيت على (…) لا اذكر حرفيا ما قال لقسوة الكلمة.
مهما كنّا متفائلين فالحقيقة ان الفساد لا زال مستشرياً، حيث الى اليوم وبعد 20 سنة ورغم شروق شمس العناية الإلهية كل يوم لكن المسيحي مهمش. كما ان بعض اراضي الكنيسة وعقارات عائلاتنا المهاجرة لا زالت محتلة بسبب عجز القضاة واجهزة الدولة التنفيذية. هذا عدا التعرض الى التهديد تحت أنظار أعلى السلطات التي كتبنا عدة مرات ان تتدخل بدون فائدة. كله بسبب ضعف سلطة القانون والتمييز الطائفي والتزوير في دوائر الدولة والرشاوي وتضليل العدالة والإعلام، وتقديم الوعود الكاذبة. هذا الإعلام الردئ الزاخر بالتفاهات.
نشكر الرب على وجود أبطال إيمان صامدين هنا وهناك مثل غبطة البطريرك ساكو، حيث يرفعون صوت أبناء الكنيسة المهمَّشين ويبذلون الغالي لأجلهم.
المسيحيون منذ قيامة المسيح ليس لهم لا أسلحة ولا عقلية طائفية فهذه تولّد ضيق الفكر والتحيز والعنف ولكن العنف لا يولد الا العنف. وان كان في بلدنا في كثير من الأحيان القوة هي الحق عندما تبرز المصالح الشخصية، لكن محبتنا وسلامنا ليستا علامة ضعف بقدر ما هو وفاء للمسيح يسوع له المجد.
مرة قال لنا الأب العلامة يوسف حبي إن الحقيقة هي أولاً عارية ليس لها ملابس وثانياً هي شعاع من شمس الحقيقة الإلهية وهذه لا يستطيع الناس النظر اليها، فيحاولون أن يُلبِسوها ملابس حتى تمشي الأمور، كذلك وضعنا الصعب. الرب نصحنا بأن نكون حكماء كالحيات ونترك الإنتقام للآب السماوي كما قال في مَثَلْ قاضي الظلم.
نتضرع الى الله أن يبارك غبطة أبينا البطريرك ساكو ويحفظ كنيستنا والعراق كله من كل أذيّة