الكنيسة المبنية على الصخرة لن تتزعزع أبداً
الدكتور صبحي زورا – برمنكهام – المملكة المتحدة
تتعرّض الكنيسة الكلدانية في المشرق، بقيادة نيافة الكاردينال لويس ساكو، بطريرك الكلدان في العراق والعالم، لهجمات إعلامية مباشرة وغير مباشرة من داخل العراق وخارجه.
تهدف هذه المحاولات السقيمة في المقام الأول إلى تدمير الكنيسة وتقليدها العريق وكفاحها المستديم للحفاظ على الإيمان حياً في أراضي بلاد ما بين النهرين والمشرق. إنّ أسباب هذه الهجمات واضحة للعيان. هي بشكل أساسي تسعى لتشويه سمعة الكنيسة كمؤسسة دينية مسيحية ناجحة، قاومت وبشكل مستديم محاولات الأشرار والفاسدين ونجحت خلال أصعب الأوقات وأقساها إلى تثبيت وجودها وتركيز دورها ككنيسة مؤثّرة وفاعلة في كل من العراق والشرق الأوسط بشكل عام.
هذه الكنيسة العظيمة، عبر تاريخها الطويل، أعطت ولا تزال تقدم المئات بل الآلاف من العلماء والمفكّرين والقديسين إضافة إلى أعداد لا يمكن حصرها من الشهداء والمعترفين. يعود تاريخها في بلاد ما بين النهرين إلى القرون الأولى للمسيحية عندما تأسست في الأصل من قبل تلامذة القديس توما الرسول، القديسين مار أدّي ومار ماري. كانت الكنيسة منذ بدايتها مرتبطة بالرسل الأطهار، لذا فهي كنيسة رسولية بالكامل في الجوهر والطبيعة والتقاليد، كما أنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالإيمان الكاثوليكي العريق بدأً من القديس بطرس “الصخرة التي أبني عليها بيعتي” (متى 16-18) في روما. لقد كانت كنيستنا الكلدانية ولا تزال ركيزة مهمة بين جميع الكنائس والتقاليد المسيحية المشرقية الأخرى. لقد واجهت هي وكل هذه الكنائس الأخرى في تاريخها الطويل محاولات شريرة مختلفة من قبل الحكام والغزاة والمجرمين والكارهين من الجماعات الدينية المتطرّفة وغير الدينية الأخرى.
أسفرت العديد من هذه المحاولات للأسف الشديد عن استشهاد الآلاف من المؤمنين وقادة وعلماء هذه الكنائس وعن تدمير عدد كبير من مراكزهم الدينية وأديرتهم وكنائسهم. لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل الذريع خاصة في القضاء على الإيمان وتقاليده وعزائم مؤمنيه الغيورين وعلى مر العصور. لقد استمرت الكنيسة أن في النموّ من قوة إلى قوة وفي العمل بين شعبها ومؤمنيها جنباً إلى جنب مع التقاليد المسيحية الأخرى لنشر إيمان يسوع المسيح في المشرق والمغرب. لم تتراجع أو تتزعزع أبدًا لأن أساسها مبني على صخرة الإيمان الراسخ، وازدهرت دائماً، حتى تحت أسوأ وأحلك الظروف التي مرت بها.
ونرى في وقتنا الحاضر مع شديد الحزن والأسف عودة شرسة لمثل هذه الإعتداءات والهجمات والتي تشبه إلى حدٍّ كبير سابقاتها الفاشلة ضد الكنيسة وقادتها. ويستمر الشر والإعتداء على الكنيسة، مستهدفاً على وجه التحديد رئيسها الكاردينال ساكو، ومستهدفين شخصه وسمعته وعلى الخصوص محاولاته لمواصلة خدمة الكنيسة الكلدانية. ومن المؤسف بل أيضاً المحزن جداً أن بعض هذه الهجمات تأتي من الداخل ومِمَّن يدعون أنفسهم زيفاً “كلدان”، أشخاص لديهم أجندات معينة. أتساءل عما إذا كان هؤلاء الأشخاص يدركون ما يفعلونه! إنهم يحاولون تدمير الكنيسة وقيادتها، بهدف زعزعة استقرارها في الداخل والمهجر وإنهاء وجودها كإحدى الكنائس الرئيسية المؤثرة في الشرق الأوسط.
بطريرك الكنيسة هو رمز لها وهو ممثّلها الرئيسي على الصعيدين الوطني والدولي. إنه شخصية مرموقة ومعروفة ومحترمة وعلى كافة الأصعدة. لقد تم اختياره وتنصيبه قائداً (أباً) لهذه الكنيسة من قبل أحبارها الآخرين وبتأييد من قبل البابا نفسه الذي كرّمه برتبة كاردينال. إن اتهامه زوراً بارتكاب أخطاء وأمور لا أساس لها من الصحة من قبل هؤلاء المكابرين والجهلة لا يخدم الكنيسة وشعبها. بمهاجمته شخصياً فإنهم يهاجمون الكنيسة برمّتها وشعبها وكهنتها وأحبارها.
نحن على يقين من أن هذه المحاولات ستفشل في النهاية، وبذات الطريقة التي فشلت بها سابقاتها من المحاولات الأخرى في التاريخ. وبالتأكيد فإنّ هناك تضامناً هائلاً مع بطريركيتنا الكلدانية في جميع أنحاء العالم، واستنكاراً متزايداً على الصعيدين الوطني والدولي ضدّ هذه المحاولات الظالمة.
لن تتزعزع سمعة الكنيسة وتقاليدها وقادتها أبداً بمحاولات بعض المرتزقة والمارقين التي ستعود لتصفع مثيريها كمحاولات عقيمة سببها السياسات الشريرة والنفاقية في عصرنا الحالي.
نحن نقف جنبًا إلى جنب مع كنيستنا الكلدانية العريقة ومسؤولها الأعلى نيافة البطريرك ساكو، مع مصافها الاسقفي، رعاتنا، وندعمه في هذه الأزمة، ونطلب من الرب يسوع أن يمنحه المزيد من القوة والحكمة لمواصلة رسالته للحفاظ على كنيستنا قوية وموحدة ومزدهرة وبالتعاون مع الكنائس الكاثوليكية وغير الكاثوليكية المشرقية الأخرى والكرسي الرسولي البطرسي في روما.