البابا فرنسيس يطلب من الرئيس الأسد مبادرات ملموسة من أجل السكان
https://saint-adday.com/?p=33598
إعلام البطريركية - 22-7-2019
الفاتيكان نيوز
حماية حياة المدنيين، وقف الكارثة الإنسانية في منطقة إدلب، مبادرات ملموسة من أجل عودة آمنة للنازحين، إطلاق سراح المُعتقلين وحصول العائلات على معلومات حول أحبائهم وأوضاع إنسانية من أجل المعتقلين السياسيين. بالإضافة إلى نداء جديد من أجل استئناف الحوار والمفاوضات بمشاركة الجماعة الدوليّة، هذه هي الاهتمامات والمطالب الملموسة الموجودة في رسالة شاء قداسة البابا فرنسيس أن يوجّهها للرئيس السوري بشار حافظ الأسد.
إن رسالة الحبر الأعظم هذه والتي تحمل تاريخ الثامن والعشرين من حزيران الماضي قد سلّمها خلال هذه الساعات الكاردينال بيتر كودوو آبيا توركسون، عميد الدائرة الفاتيكانية المعنيّة بخدمة التنمية البشرية المتكاملة. وقد رافق الكاردينال توركسون، الذي حمل الرسالة المكتوبة باللغة الإنكليزية، الأب نيكولا ريكاردي نائب أمين سر الدائرة الفاتيكانية المعنيّة بخدمة التنمية البشرية المتكاملة والكاردينال ماريو زيناري السفير البابوي في سوريا. وحول محتوى وأهداف هذه الرسالة أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان بييترو بارولين المعاون الأوّل للحبر الأعظم.
في جوابه على سؤال حول السبب الذي دفع البابا فرنسيس ليكتب للرئيس الأسد قال أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان بييترو بارولين في أساس هذه المبادرة الجديدة هناك قلق البابا فرنسيس والكرسي الرسولي بسبب حالة الطوارئ الإنسانية في سوريا، ولاسيما في محافظة إدلب. يعيش في المنطقة أكثر من ثلاثة ملايين شخص من بينهم 1.3 مليون نازح داخلي، أُجبروا خلال النزاع الطويل في سوريا على إيجاد ملجأ في تلك المنطقة التي كان قد تمَّ إعلانها العام الماضي منطقة مجرّدة من الأسلحة. لكن الهجوم العسكري الأخير قد أُضيف إلى أوضاع الحياة القاسية التي وُجب عليهم تحمّلها في المخيمات وأجبر الكثيرين منهم على الهروب. إن البابا يتابع بقلق وألم كبير المصير المأساوي للسكان المدنيين ولاسيما الأطفال ضحايا القتال الدامي. والحرب للأسف مستمرّة ولم تتوقف ويستمر القصف أيضًا، وقد دُمِّرت في تلك المنطقة بنى صحيّة عديدة فيما أُجبرت بنى كثيرة غيرها على إيقاف نشاطها بشكل كامل أو جزئي.
تابع أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان بييترو بارولين مجيبًا على سؤال حول ما يطلبه البابا فرنسيس من الرئيس الأسد في الرسالة التي وجّهها إليه وقال إن البابا فرنسيس يجدد نداءه لكي تتمَّ حماية حياة المدنيين ويتمُّ الحفاظ على البنى التحتية الأساسية كالمدارس والمستشفيات والبنى الصحيّة. إن ما يحصل هو غير إنساني بالفعل ولا يمكن قبوله. وبالتالي يطلب الأب الأقدس من الرئيس السوري أن يفعل كل ما بوسعه لكي يوقف هذه الكارثة الإنسانية من أجل حماية السكان العزل ولاسيما الأشدّ ضعفًا في إطار احترام القانون الإنساني الدولي.
أضاف أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان بييترو بارولين مؤكّدًا أن النيّة وراء مبادرة البابا فرنسيس هذه ليست سياسية بل هي تعبير عن قلق إنساني وحسب وقال إن البابا فرنسيس لا زال يصلّي لكي تتمكن سوريا من أن تجد مجدّدًا جوًّا من الأخوّة بعد سنوات الحرب الطويلة هذه ولكي تسود المصالحة على الانقسام والحقد. ففي رسالته يستعمل البابا فرنسيس ولثلاث مرات كلمة “مصالحة” وهذا هو هدفه، من أجل خير ذلك البلد وسكانه العزل. كذلك يشجّع البابا فرنسيس الرئيس بشار الأسد على القيام بتصرفات مهمّة في إطار عمليّة المصالحة الملحّة هذه ويقدّم أمثلة ملموسة: ويشير على سبيل المثال إلى الشروط من أجل عودة آمنة للمُبعدين والنازحين الداخليين وجميع الذين يريدون العودة إلى البلاد بعد ان أُجبروا على تركها. كما يشير أيضًا إلى إطلاق سراح المُعتقلين وحصول العائلات على معلومات حول أحبائهم.
تابع أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان بييترو بارولين مجيبًا على سؤال حول موضوع المعتقلين السياسيين الذي يتحدّث عنه البابا فرنسيس في رسالته أيضًا وقال نعم إن البابا فرنسيس مهتمّ أيضًا بشكل خاص بوضع المعتقلين السياسيين الذين – وكما يؤكّد – لا يمكن أن يُحرموا من التمتُّع بالظروف الإنسانية. ففي آذار عام ٢٠١٨ نشرت اللجنة الدوليّة المستقلّة للتحقيق بشأن الجمهورية العربية السورية تقريرًا حول هذا الموضوع وأشارت إلى عشرات آلاف الأشخاص الذين تم احتجازهم بشكل اعتباطي؛ وأحيانًا في سجون غير رسميّة وفي أماكن مجهولة ويتعرّضون لمختلف أنواع التعذيب وبدون أيّة مساعدة قانونيّة أو أي اتصال مع عائلاتهم. ويُظهر التقرير أنّ كثيرين منهم وللأسف يموتون في السجن فيما يتمُّ إعدام الآخرين جماعيًّا.
وختم أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان بييترو بارولين حديثه لموقع فاتيكان نيوز مجيبًا على سؤال حول هدف البابا فرنسيس من هذه المبادرة الجديدة وقال إنَّ الكرسي الرسولي قد أصرّ دائمًا على ضرورة البحث عن حلٍّ سياسي قابل للتنفيذ من أجل وضع حدٍّ للنزاع يتخطّى مصالح الأطراف. وهذا الامر يتمُّ بواسطة أدوات الدبلوماسيّة والحوار والمفاوضات بمساعدة الجماعة الدوليّة. لقد وُجب علينا أن نتعلّمه مرّة أخرى أن الحرب تولّد الحرب والعنف يولّد العنف كما قال البابا مرارًا وكما يكرّر في هذه الرسالة أيضًا. للأسف نحن قلقون بسبب جمود عملية المفاوضات، لاسيما مفاوضات جنيف من أجل حلٍّ سياسي للأزمة. لذلك وفي الرسالة التي بعثها للرئيس الأسد يشجّعه الأب الأقدس لكي يُظهر الإرادة الصالحة ويجتهد لكي يبحث عن حلول قابلة للتنفيذ واضعًا حدًّا لنزاع يستمرُّ منذ فترة طويلة وقد سبّب سقوط عدد كبير من الأبرياء.