ما هو عدد أقباط مصر اليوم وما هو سرّ التحفّظ على عددهم الفعلي؟
عشتار تيفي كوم - اليتيا/ 4-10-2019
دخلت المسيحية مصر في نصف القرن الأول ميلادي مع القديس مرقس الذي كان له الدور الأبرز في التبشير بالمسيحية في مصر، هو أحد الإنجيليين وقد كتب أوّل إنجيل؛ وذلك خلال فترة حكم الحاكم الروماني “نيرون“ في القرن الأول أي بعد ما يقارب ال20 عاما من صعود المسيح. استخدم المسيحيون اللغة القبطيّة، ولا تزال حتّى اليوم اللغة التي تستخدمها الكنيسة القبطية في صلواتها.
يقول العالم الأميركي وليم ورل في كتابه موجز تاريخ الأقباط:“ للأقباط أهمية خاصة لأنهم البقية الباقية من الشعب المصري، ذلك الشعب الذي يمتاز بأن له أقدم تاريخ مدون”.
وجود الأقباط والوجه المسيحي لمصر بدأ في التراجع والانحسار مع الفتح الإسلامي لمصر التي أصبحت اليوم ذات غالبية مسلمة سنية.
يَنتشر أقباط مصر في مناطق عدّة خصوصا في وسط البلاد، ويتوزعون على مختلف الشرائح الاجتماعية.
على الرغم من أنّ الأقباط هم فعلا أصل مصر، إلا أنّهم يعانون من ضعف تمثيلهم في الحكومة والبرلمان، إذ “يغيب عن الانتخابات المصرية نظام الحصص، لكن يعوَّض ذلك باختيارهم ضمن المجموعة التي يعيّنها رئيس الجمهورية، ويشكون أيضا من استبعادهم من العديد من الوظائف في مجالات القضاء والجامعات والشرطة”.
يشير موقع ويكيبيديا، أنّ الاقباط يشكّلون حوالي 10% من سكان مصر حالياً، و95% من مسيحيي مصر هم من الأقباط الأرثوذكس، ومسيحيو مصر على اختلاف مذاهبهم، يشكّلون الشريحة المسيحية الأكبر لمسيحيي الشرق.
بحسب المؤرخين كورت جي. ويرثمولير ويعقوب ليفي، إن تحوّل الأقباط تدريجياً إلى أقلية حصل بسبب موجتين كبيرتين، أولها بعد “القمع الوحشي” للثوار الأقباط” في القرن التاسع، والموجة الثانية خلال حقبة المماليك والتي تم فيها حملة اضطهادات للمسيحيين وتوفير الزخم الشعبي للعنف ضدهم، وهي أيضاً حقبة شهدت موجات كبيرة من التحول القسري إلى الإسلام وفقاً لمصادر مختلفة. وتشير مصادر، وبحسب ويكيبيديا ايضاً، أنه بعد نهاية فترات الاضطهاد، أعداد كبيرة من المتحولين الجدد إلى الإسلام عادت إلى الديانة المسيحية، خصوصاً من سكان القرى النائية وممن أجبروا على التحول إلى الإسلام.
لا يمكن تحديد نسبة الأقباط في مصر، فعام 1966 خلال عهد الرئيس جمال عبد الناصر، نصّ الإحصاء حينها أن عدد المسيحيين نحو 2 مليون من أصل 29 مليون أي بنسبة 7.2% ترتفع لحوالي 9% بإضافة أقباط المهجر.
الإحصاء التالي تم عام 1976 طُعن في صحته خاصة أنه صدر في فترة توتر بين بطريركية الإسكندرية ونظام أنور السادات إذ نصّ أن عدد الأقباط هو 2.2 مليون، أي بالمقارنة مع الإحصاء السابق لم يزد عدد مسيحيي مصر طوال عقد سوى 200 ألف نسمة مقابل زيادة عامة في عدد سكان مصر قدرت بستة ملايين.
تشير دراسة مركز بيو للأبحاث عام 2010 أن الانخفاض في النسب يعود بشكل أساسي إلى أنه على مدى عقود، تنخفض معدلات المواليد المسيحيين بالمقارنة مع المسلمين. وتشير الدراسة أيضاً أنه الممكن أن يكون تم تقليل أعداد المسيحيين في مصر في التعدادات والمسوح الديموغرافية.
عام 1986 أظهر تعداد وقتها أن نسبة المسيحيين 5.9% أي حوالي 2.8 مليون من أصل 48 مليون مصري حينها، وعلى أساس هذا الإحصاء لا تزال بعض الجمعيات المدنية والأحزاب السياسيّة تقيّم نسبة مسيحيي مصر، محددين بذلك العدد الحالي من أصل 80 مليون بحوالي 4.5 – 5 مليون نسمة، أما عدد من الدراسات الإحصائية العالمية تحدد النسبة بحوالي 10% من السكان أي 8 مليون مصري من أصل 80 مليون؛ كتاب حقائق العالم ومعه وزارة الخارجية الإمريكية في تقرير الحريات الدينية لعام 2007 قالت أنه من الصعب تحديد عدد المسيحيين داخل مصر لكنه يترواح بين 6 – 11 مليون مصري، أي بين 8 – 15% من مجموع السكان.
آخر محطات هذا الجدل هي ما أعلنه البابا تواضروس الثاني بأن تعداد المسيحيين في مصر يبلغ نحو 15 مليونا، علاوة على مليونين خارجها يقيمون في نحو 60 دولة حول العالم. ووفقا لآخر إحصاء رسمي صدر عام 2017، بلغ عدد سكان مصر 104.2 ملايين نسمة، من بينهم 94 مليونا و798 ألفا نسمة في الداخل، و9.4 ملايين نسمة يعيشون خارجها، بزيادة قدرها 22 مليونا في السنوات العشر الأخيرة.
الكنيسة المصرية، وبحسب ما نشر حمدي رزق في “المصري اليوم”، لا تعلن أرقاماً ولا تطلب أرقاماً حتى لا تثير فتنة، وهي تبدي التزاماً بالمواطنة فائق الاحترام، ولكن هناك أرقاماً صدرت من قامات كنسية معتبرة تظل على مسؤولية القائلين بها، ومنها ما أعلنه الأنبا باخوميوس مطران البحيرة الذي تولى رعاية الكنيسة في الفترة الانتقالية ما بين رحيل البابا شنودة وقدوم البابا تواضروس.
قال الأنبا باخوميوس مرجحاً: «عدد المسيحيين في مصر يتراوح بين 15 و18 مليوناً”. الرقم الذي أعلنه الأنبا باخوميوس يعتقده البابا تواضروس أيضا وصرح في حوار أخير منشور في صحيفة «الدستور» بأن عدد الأقباط تجاوز 15 مليون نسمة داخل مصر فقط.
وقال البابا تواضروس في حوار مع فضائية “Ten” في ديسمبر 2018، إنه يوجد تقريبًا في مصر 15 مليون قبطي يشكلون قرابة 15% من الشعب المصري. وتابع بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية: “كل طفل يولد يتم تعميده، وقت ما يحدث ذلك يتم إصدار شهادة بالتعميد، ومن خلال الشهادة نجري إحصاء يسمى العضوية الكنسية، وهي ما أعطتنا في النهاية هذا الرقم”.
هلال بديع جيد المستشار القانوني لكنائس شرق القاهرة، قال في حديث يعود الى عام 2017، “منذ عهد البابا الراحل شنودة الثالث نختلف على الرقم الرسمي لعدد الأقباط ويحدث تضارب بين ما تعلنه الحكومة والكنيسة والجهاز المركزي للإحصاء ولا يعنينا كمسيحيين معرفة تعدادنا لكن يهمنا الخدمات التي تقدمها الكنيسة لكل فئات الشعب دون تمييز“.
بغض النظر عن عدد الاقباط في مصر، فإنّ شهادتهم للمسيح كبيرة، وفي عظة للبابا فرنسيس في سبتمبر 2019، قال البابا:” لنعد بفكرنا إلى أربع سنوات خلت أولئك الأقباط المسيحيين الأرثوذكس العاملين الحقيقيين الذي ذُبحوا على شاطئ ليبيا فيما كانوا يلفظون الكلمة الأخيرة: “يسوع”؛ لم ينكروا إيمانهم لأن الروح القدس كان معهم. هؤلاء هم شهداء اليوم. وبالتالي فالرسل هم “أبواق” الروح القدس الذين أرسلهم القائم من الموت لكي ينشروا بجهوزيّة وبدون تردّد الكلمة التي تعطي الخلاص”.