البابا فرنسيس يزور ناغازاكي ويدعو إلى عالم خالٍ من السلاح النووي
البابا فرنسيس في ناغازاكي 24 تشرين الثاني نوفمبر 2019
(Vatican Media)
صباح الأحد توجه البابا إلى مدينة ناغازاكي وبالتحديد إلى الحديقة العامة والنُصبِ التذكاري في المكان حيث أُلقيت القنبلة الذريةُ في العام 1945. وجه البابا رسالة للمناسبة أكد فيها أن هذا المكان يجعلنا ندركُ بشكلٍ أفضل الأهوالَ التي يمكن أن يُلحقَها البشرُ ببعضهم البعض، ولفت إلى أن قلبَ الإنسان يتوق إلى السلام والاستقرار، مشدداً على أن حيازة السلاح النووي وباقي أسلحة الدمار الشامل ليست التجاوبَ الأنسب مع هذه الرغبة.
أكد فرنسيس أن العالم اليومَ يسعى إلى الدفاعِ عن الاستقرار والسلام لكنْ استناداً إلى أمنٍ زائفٍ تحرّكه ذهنيةُ الخوف وانعدامِ الثقة، ما يؤدي إلى تسمّم العلاقاتِ بين الشعوب ويحولُ دون قيامِ أيّ حوار. وشدد البابا على أن السلام والاستقرار الدوليَّين لا يتماشيان مع أيّ محاولةٍ لزرع الخوف من الدمار المتبادل، لأنه يمكن تحقيقُهما فقط من خلال خلقيةٍ عالميّةٍ للتضامن والتعاضد في خدمةِ مستقبلٍ يقوم على أساسِ التعاون والمسؤولية المشتركة وسطَ العائلة البشرية اليوم وغداً. هذا ثم ذكّر البابا الحاضرين بأن مدينة ناغازاكي تشكّل شاهداً على النتائج الكارثية الإنسانيّة والبيئيّة لأي هجومٍ نووي. ولفت إلى أن سباقَ التسلّح يبدّد المواردَ الثمينة التي يمكن استخدامُها لصالح النمو المتكامل للشعوب وحماية البيئة الطبيعية. وقال إنه في عالمِ اليوم، حيث يعيش ملايينُ الأطفال والعائلات في أوضاعٍ لا إنسانية، يأتي الإنفاقُ على التسلح كصرخةٍ ترتقي إلى السماء.
وعاد فرنسيس ليؤكد أن عالماً مسالماً وخالياً من السلاح النووي هو طموحُ وتطلّعُ ملايين الرجال والنساء حول العالم، معتبراً أن ترجمة هذا الحُلم إلى واقعٍ تتطلب مشاركةَ الجميع: الأشخاص، الجماعات الدينية، المجتمع المدني، الدول والمنظمات الدولية، فضلا عن القطاعات العسكرية والخاصة. وشدّد على ضرورة أن يكونَ تجاوبُ الناس مع هذا الموضوع تجاوباً جماعياً شاملاً يستند إلى عملية بناء الثقة المتبادلة التي تقضي على آليةِ الشكِّ والريبة الطاغية في عالم اليوم. وذكّر فرنسيس في كلمته بالرسالة العامة الشهيرة "السلام في الأرض" للبابا يوحنا الثالث والعشرين الذي طالب في العام 1963 بحظر الأسلحة الذرية، مؤكدا أن سلاماً دولياً حقيقياً ودائماً لا يمكن أن يرتكز إلى توازنِ القوة العسكرية بل إلى الثقة المتبادلة.
بعدها لفت البابا إلى أن الكنيسة الكاثوليكية ملتزمةٌ في عملية تعزيز السلام بين الشعوب والأمم، وهو واجبٌ تقوم به إزاء الله والبشر. ودعا إلى عدم الملل من السعي إلى تطبيق الآليات القانونية الدولية بهذا الشأن، مذكراً في هذا السياق بالنداء الذي أطلقه الأساقفةُ اليابانيون في تموز يوليو الماضي مطالبين بإلغاء الأسلحة النووية. وعبر البابا عن أمنيته بأن تصبح الصلاةُ المرفقة بالبحثِ الدؤوب عن التفاهم والحوار "السلاحَ" الذي نضع فيه ثقتَنا من أجل بناء عالمٍ يرتكز إلى العدالة والتضامن ويقدّم ضماناتٍ حقيقيةً للسلام. في الختام، وبعد أن ذكّر البابا القادةَ السياسيين بأن السلاح النووي لا يدافع عنا إزاءَ التهديدات المحدقة بالأمن، أكد أننا نحتاج إلى أدواتٍ كفيلة بضمان الثقة والنمو. وطلب من الحاضرين أن يرفعوا معه الصلاةَ على نية ارتداد الضمائر وكي تتغلب ثقافةُ الحياة والمصالحة والأخوّة: أخوةٌ تُقرّ بكلّ الاختلافات وتضمنها في إطارِ البحث عن مصيرِنا المشترك.
24 نوفمبر 2019,