قبل اكثر من عشر سنوات كتبت في مواقعنا الالكترونية سلسلة من "قصص من الماضي" ويعجبني ان اعيد نشر قسم منها، ففي قراءتها متعة وابتسامة.
هذه واحدة من تلك القصص:
قصص من الماضي: أحلام اليقظة
(رحم الله الذين رحلوا واطال الله بعمر الاحياء الذين ترد اسماؤهم هنا)
احلام اليقظة
في الايام الاولى من شهر ايلول 1980 وانا بسيارتي الخاصة مع العائلة ذاهبين الى كرملش , وبعد عبور بيجي وانا اسوق السيارة ظهرا شاهدت "حلما بانني اشارك الناس في حمل نعش من كنيسة مار ادي الى مار كوركيس ‘ واستغرق "الحلم" فترة لا باس بها وانا اتبادل حمل النعش مع اناس اقرباء او اصدقاء وانا اشارك في قراءة " محي ميثي شوحا لشمخ" ثم استمرينا بالسفرة وكأن شيئا لم يكن . وصلنا برطلة فوجدت جمعا كبيرا من الكرمشايي الذين اعرفهم جميعا فتوقفت وسلمت عليهم وقالوا: هل تاخذ احدا معك؟ فقلت : سآخذ ثلاثا فصعد : يوسف ابراهيم النجار وهرمز ججو حنونا وسليم يوسف ، وسرنا فقلت: لماذا انتم هنا ويبدو عليكم التعب؟ فقالوا: نتدرب على السلاح!!! فقلت: ولكنكم معلمون! فما حاجتكم بالسلاح والتدريب عليه؟ فقال يوسف ابراهيم: "هذا الكاس المر يجب ان يشرب" نحن نتدرب الان ضمن الجيش الشعبي وربما سيحتاجنا الوطن لنذود عنه!!! وقال: هل جئتم لحضور تعزية خالك شمعون؟ فقلت: متى توفي؟ فانا لا اعرف بذلك ، فقال: اليوم واريناه الثرى قبل الظهر ، فقلت: هل كان فلان وفلان من ضمن الذين تبادلوا حمل النعش؟ فقال: نعم، وها انك تعرف حتى التفاصيل!! فقلت: شاهدت الحدث في الحلم فقط وأنا اسوق السيارة!!. فتكلمنا عن الاحلام والاستدراك حتى وصلنا كرملش .
تذكرت في حينه القصة التي كان يرويها قريو (ابو ابلحد قريو) الذي كان يسكن في الخضربساطلية قرب دير مار بهنام حيث كان في احد الايام عصرا جالسا امام داره يتبادل الاحاديث مع الرجال ,حاله حال كل يوم فمر من امامه شاب فقال له قريو: حسن اراك هنا؟ فقال: واين يجب ان اكون؟ فقال له قريو: والدك توفي اليوم في الموصل وموجود في المستشفى!! فقال حسن: وماذا يفعل ابي في الموصل وكيف ومتى ذهب؟ ومن اين عرفت انت بالخبر؟ فقال قريو: انا وجدت ابيك متوفيا في الموصل مع العلم بانني لم ار الموصل بحياتي!!! ذهب حسن الى بيتهم ولكنه لم يجد والده ، وسال من في البيت عن ابيه ولم يجد الجواب حتى المساء فاخذ سيارة القرية وذهبوا الى الموصل ليجدوا ابا حسن متوفيا وهو في مستشفى الموصل!!!
هذه قصص حزينة , ولكنني اتمنى ان اجد احلام اليقظة المتفائلة المفرحة، كان ارى وزيرا عراقيا في بغداد الساعة السابعة صباحا يذهب بالبجامة الى فرن الصمون لياخذ 15 صمونة حارة لعائلته ثم يمر على ام الكيمر لتضع له كيمر غير مغشوش ويعود ليفطر مع عائلته لحين مجيئ سائقه بسيارة رقم واحد ليذهب بها الى الدوام وياخذ بطريقه اولاده الى مدارسهم القريبة ، وبدون حمايات او سيطرات .
جرجيس يوسف الساعور / كندا/ 2011