في الذكرى الحادية عشرة على تنصيبه بطريركاً، والخمسين على خدمته الكهنوتية ابينا البطريرك مار لويس ساكو الجزيل الوقار
في السادس من آذار تمر الذكرى الحادية عشرة على تنصيبي بطريركاً، وفي الأول من أيار (بعون الله) سأَحتفلُ بالعام الخمسين على خدمتي الكهنوتيّة.
الحمدُ لله على كل شيء
منذ ساعة رسامتي، أعطيتُ حياتي للمسيح، وللكنيسة، وخدمة الناس، بكل سرور. وحاولتُ قدر المستطاع أن أكون كاهناً أباً وأخاً وراعيّاً قريباً من الناس، أحمل همَّهم واُساعدهم واُدافع عنهم، (أذكر تهجير داعش سنة 2014 ثم التحرير والعودة)، وهكذا مرت السنون، ولم تغيّر المناصب فيّ شيئاً، كأسقف وبطريرك وكاردينال، بل وعدتُ وسأواصل التزامي برسالتي الإنسانية والروحية على المستوى الرعوي والتجديد الروحي والليتورجيي بمفردات العصر بلا كلل.
أما بخصوص شعاري البطريركي “الأصالة والوحدة والتجدّد“، أعترفُ بأنني أفلحتُ الى حدٍّ ما في الأصالة والتجدد، وفشلتُ في تحقيق الوحدة، بالرغم من كل دعواتي اليها ومحاولاتي، ويقيني أن لا مستقبل من دون الوحدة (التي ليست ذوبان أحدنا في الآخر). مستنداً بذلك على إيماني بان الله “هو الذي ينمّي” (1 قورنثية 3/ 7).
لم يكن كهنوتي في الأعوام الخمسين الماضية شكلاً واحداً رتيباً، لأن التطور حتمي في حياة الانسان، خاصة بالنسبة للقيادي.
لم أطمع بمال الدنيا، ولم تكن لي ميول تجارية،
ولم أحمل في جيبي، سوى دفتر صغير لتسجيل الأفكار والملاحظات
بهذه المناسبة أتقدم بعميق شكري من جميع الأشخاص، نساءً ورجالاً على حبهم الحقيقي للكنيسة، ومرافقتهم إياي خلال أعوام خدمتي الكهنوتية، والتزامهم الثابت بسخاء، وشهادتهم بأمانة. إني تعاملتُ معهم كشركاء حقيقيين في الكنيسة، لهم الكاريزما الخاصة بهم، وساهموا بفعالية في خدمتها. كما أشكر عائلتي: والديّ (رحمهما الله)، وأخواتي وإخوتي. أتذكر كيف كنا نعيش في جو من الحب والحنان والإيمان، والصلاة العائلية اليومية.
كذلك أتوجه بالشكر الى كلّ الأساقفة والكهنة والراهبات الأوفياء والاُمناء للمسيح وللكنيسة، إنهم كانوا عوناً كبيراً لي في بطريركيتي. شكري وإمتناني الى كل العاملين معي في الدائرة البطريركية وخارجها والذين ساندوني بآرائهم وصلاتهم لاجتياز المراحل الصعبة.
أتمنى أن يبقى بنات وأبناء كنيستنا المباركة، متّحدين في هذه الظروف المعقّدة والمُثقَلة بالأحداث المؤلمة، بنفس الإيمان والحب والشعور بمسؤولية حمل الرسالة. من المؤكد ان ثمة اخفاقات، لكنها ليست فشلاً وإنما هي تجارب تُنضِجنا، نتعلم منها للسير معاً بقيادة الروح القدس نحو ملء الشركة. لنكن كنيسة سينودسية بنقلة نوعية، بالحكمة والتمييز.
أدعو الشابات والشباب، حاضر الكنيسة الكلدانية ومستقبلها، ليكونوا رسلَها بشهادة إنسانية رقيقة، وإيمانية عميقة، ووطنية كاملة، فأرضنا، أرض التاريخ، وكنيستنا رائدة في الشهادة، تحمل في جسدها ألآم المسيح وقوة قيامته.
أحبائي،
لا تخافوا ان تبرزوا هويتكم المسيحية والعراقية والكلدانية، وتمسّكوا بتراثكم، وعزّزوا الروابط الوطنية والإجتماعية والثقافية مع سائر المواطنين، وأخلقوا فضاءً من الاُلفة والاُخوّة.
اعتذرُ منكم جداً في حالة كوني قد أسأتُ إلى أحدٍ منكم. اني أغفر لمن له ارادة الإصلاح وليس التمادى!
إذكروني في صلاتكم لاُكمل مشواري كما يريده الربّ
ولاُسلّمه الوديعة عندما يحين الوقت
حماكم الرب القدير