مشاهدات شخصية و تحقيق إعلامي _ إحدى دول المنطقة بين الأمس واليوم
اعلام البطريركية - 12-3-2024
الأب نوئيل فرمان السناطي/ كندا مع الأب يوسف داود عبد الأحد/ استراليا
تحيط بالعراق، دول غالبيتها من الدول الخليجية، ولأسباب غامضة لم يكن العراق من ضمنها، مع أنه مطلّ على الخليج، وله ثروات اخرى إلى جانب النفط ولئن كانت مسلوبة بسبب الفساد. هذه الدول تتميز بازدهار عمراني واقتصادي ملفت للنظر، برغم تفاوت رفاهية المواطن فيها قياسا ببحبوحة العائلات الأميرية والملكيةحاكمة.
مقال اليوم، هو عن إحدى الدول الخليجية، ولها مع بعضها العديد من المشتركات. إنها المملكة السعودية التي كان الوازع الديني فيها خلال العقود الماضية قد جعلها تتفرد بشيء من التزمت الديني: مظاهر حجاب ونقاب وعباءات نسائية سوداء، مجمعات تسوّق (مولات) حصريا بالعائلات دون الرواد من العازبين، غلق المحال في ما يتخلل النهار من أوقات الصلاة. ويعود السبب المعروف عن ذلك ان فيها مدينة مكة لكونها قـِبلة الزوار للحج الديني للعالم الإسلامي. لكن اليوم تطالعنا الأخبار عن انشطة ثقافية واجتماعية وسياسية في المملكة وفعاليات رياضية مختلطة تضم الجنسين، وافتتاح كنيسة فيها لخدمة العاملين المسيحيين الأجانب الذين يبلغ عددهم المليون والنصف. كل هذا في اختلاف شبه جذري عما كانت عليه لعقود خلت.
يتضمن هذا التحقيق مقابلة عن طريق التواصل الاجتماعي، مع كاهن كلداني، الأب يوسف (لازكين) داود كان خلال حياته العلمانية شاهدا لما كان عليه الحال في السعودية. مما سيتيح المقارنة بين ذلك الواقع والقفزة النوعية التي نشهدها عبر السنوات الماضية: قيام أنشطة جديدة ومؤتمرات ثقافية منها منتدى الرياض للإعلام المنعقد في 20 شباط الماضي؛ وحضره بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاردينال مار لويس ساكو يرافقه المعاون البطريركي مار باسيليوس يلدو. وقد لوحظ ضمن المؤتمرين، الحضور البارز لمشاركة المرأة في المؤتمر وشؤونه الإدارية وكذلك في الحياة الاجتماعية العامة. (فعاليات المنتدى ومداخلة البطريرك في الرابط أدناه لموقع البطريركية الكلدانية)
الهدف من المقارنة
الهدف من هذه المقارنة، هو محاولة التوصل إلى إجابة عن دوافع هذا التحول المتميّز في المملكة، بترسيخ توازن حضاري في العلاقة بين الدين وعلمائه وبين السياسة وإدارة الدولة. مع الأمل في انعكاس ذلك على تحسن الحالة الانسانية والاقتصادية للمواطن السعودي العادي. فقد بلغ كاتب السطور، من عاملين في هذه البلاد بعقود هندسية، أن المواطنين السعوديين، كانوا في حال اقتصادي لا يرتقي الى ما تتمتع به البلاد من رقي اقتصادي واعماري، حيث تبقى نسبة الفقر فيها تبقى ملفتة للنظر 13.6 % سنة 2021 ولئن كانت النسبة 18.2 % سنة 2010 مع درجات متفاوتة في دول الخليج. أما في العراق فقد وصلت هذه النسبة منذ سنوات عديدة، إلى 22% بما يعادل 10 ملايين نسمة من مجموع سكان العراق 43 مليون ونصف نسمة.
شاهد عيان من الأمس
حوار عبر الأثير مع الاب يوسف داود عبدالاحد، منتدب سابق في السعودية
إلى جانب إصداء الموقع البطريركي لمنتدى الرياض، تظهر ايضا في الساحة الإعلامية اخبار مؤتمرات معاصرة تقيمها السعودية، وانشطة فنية واجتماعية، شهدت فيما شهدت حضورا بارزا للمرأة. وهنا استذكرت شهادة ميدانية حظيت بها، منذ منتصف التسعينات، من الاب يوسف (لازكين) داود عندما تصادف سفرنا من الموصل إلى بغداد في النقل العام لباصات (دك النجف). فقد حدثني عن انتدابه خلال خدمته العسكرية أثناء الحرب الإيرانية العراقية. عندما كان شماسا في كنيسة مار يوسف بمدينة الموصل. ولتنشيط الذاكرة تواصلت معه، في هذه الأيام، في مقابلة عبر الواتساب، فكان هذا الحوار:
س: أبونا يوسف، تتذكر سفرتنا عبر خط الموصل وبغداد في منتصف الثمانينات خلال الحرب الايرانية العراقية. فقد وددت اليوم ان استرجع معك، تفاصيل حديثنا اثناء ساعات الرحلة تلك، عن انتدابك خلال تلك الخدمة في السعودية، وذلك ضمن مقال للمقارنة بين ماضي هذه الدولة الخليجية، الذي شهدته حضرتك شخصيا، وبين واقعها اليوم الذي يعيش حالة من الحداثة، وأبدأ بالسؤال لتذكـّرني في أي سنة كان انتدابك وكم استغرق ذلك الانتداب؟
الاب يوسف داود: في سنة١٩٨٢ دعيت لأداء خدمة الاحتياط في مدرسة الصنف الكيمياوي بمعسكر التاجي في بغداد، من هناك تم اختياري كموفد إلى مدينة جدة بالسعودية لمدة استغرقت السنتين.
ضغوط الإعداد لمعاملة الإيفاد
س: قلت لي انك واجهت الضغوط من السلطات الرسمية العراقية بشأن اسمك الثلاثي المسيحي وانتمائك العقائدي في خانة الدين بالجواز، هل في رأيك كان هذا بضغوط من الجهات الرسمية في المملكة يومذاك.
أبونا يوسف: لا شك ان ذلك كان ضمن تلك ظروف السعودية آنذاك. فكنا لأغراض الانتداب، قد بدأنا بتهيئة الجواز والتأشيرة. وإذا بهم يفاجئوني بموضوع تغيير اسمي من يوسف داود عبد الاحد الى يوسف داود عبد الواحد. وفي حقل الديانة على الجواز، وصل بهم الضغط، ويا للخجل، إلى موضوع تغيير ولو شكلي، في حقل الديانة من مسيحي إلى مسلم. عندها رفضت مع الاصرار على أنهم إذا أرادوا إيفادي، بأن يبقوا مستندات الايفاد محتفظة بديانتي وباسمي الأصلي وأردفت: وإلا فيمكنكم انتداب غيري. أمام هذا قال لي المسؤول: كان ذلك لتسهيل امورك هناك، ولكن مثلما تريد، سنثبت المعطيات عينها، ويمكنك الذهاب إلى الايفاد.
وسألت من كان سيصبح كاهن المستقبل: عندما ذهبت الى هناك، قلت لي انك حافظت على القوانين السائدة، رغم بعض المقترحات من اصدقائك بأن يأخذوك لزيارة مكة…
الأب يوسف: نعم لما كنت في جدة جاءت فكرة الذهاب مع صديق إلى مكة لبعدها ٤٠ كم من جدة. وعندما وصلنا أمام مفترق طرق، طالعتنا لوحتان، مكتوب على احداهما: الطريق للمسلمين، والأخرى كتب عليها الطريق لغير المسلمين. فقلت لصديقي الذي اقترح مساعدتي، برغم هذا التحذير إلى الوصول إلى مكة: آسف يا صديقي ما دام الأمر كذلك، دعنا نأخذ الطريق الآخر ونترك فكرة زيارة مكة.
الضوابط تجاه غير المسلمين
س: كيف كنت ترى مظاهر الحياة والأنشطة الاجتماعية؟
الأب يوسف: من حيث مظاهر الحياة كنا ننزل يوم الجمعة الى المدينة في عطلة نهاية الاسبوع وفي الجمعة عندما يحين موعد الصلاة، كان يجب على الكل ان يغلقوا المطاعم ويذهبوا للصلاة. وكان هناك سوق يعرف بسوق الملكة، كل من يدخل إليه في هكذا أوقات، معناه انه من الأجانب اي غير مسلم، وأردنا أن ندخل إلى أحد المطاعم: فقالوا لنا في الباب: (صلاة يا شيخ) اي بعد موعد الصلاة نفتح لتقديم الطعام.
س: قلت لي في محادثة جانبية، ان ثمة من حاول اقناعك بشأن المواضيع الدينية، وانك بأسلوب طيب، بينت له باستقلالية قناعتك، فصمت صمتا عميقا وانسحب من النقاش…
الأب يوسف: نعم بشأن المواضيع الدينية حاول ذلك العقيد ان يستفسر عن مدى قناعتي بديانتي، فبينت له ذلك عن طريق طرح أسئلة عليه، عندها عرف انه لن يستطيع اقناعي بشيء.
س: هل كنت آنذاك تتابع في الأخبار، انشطة اجتماعية او مؤتمرات كان للمرأة فيها الدور الملحوظ؟ كيف كنت ترى مظاهر الملبس، بين الحجاب والنقاب.
الأب يوسف: عن مظاهر الحياة ومكانة المرأة كانوا متقيدين جدا جدا والحجاب واجب على النساء. أما النساء السافرات، فكن فقط من الأجانب في مدينة جدة، لأن هذه المدينة هي ميناء تجاري تأتيه البواخر من كافة الدول الاوربية وغيرها، ويسمونها (عروس البحر الأحمر).
وسألت نسيبنا الكاهن، أبا رنين: هل تصادف وقمت شخصيا بأنشطة معينة؟
الأب يوسف: مع الوقت تعرفت على عدد من العاملين المسيحيين، معظمهم من جنوب شرقي آسيا. كنا نلتقي حوالي عشرين شخصا، لقراءة الانجيل، بالانكليزية والتأمل فيه والمقاسمة الروحية بشأنه. واستمرينا على ذلك بشيء من الحذر والفطنة، وأحيانا كان من بينهم من يتغيب عن الحضور، بسبب التأثيرات والضغوط على غير المسلمين، وأسباب أخرى…
س: وهل قمت بشيء من الأنشطة الشبابية العامة؟
الأب يوسف: نعم ابونا نوئيل، تهيأت لي المبادرة بإطلاق فعاليات للأنشطة الرياضية المختلفة، وفي الدور النهائي كانت فرحة ومفخرة لنا ان الفريق العراقي كان هو الفائز.
الشعوب طيبة مع بعضها
س: منذ محادثتنا الاخيرة، هل لديك ما تريد إضافته أو ذكرى تحتفظ بها باعتزاز.
الأب يوسف: الشعب السعودي شعب طيب، والشعوب تجمعها مع بعضها البعض مشتركات إنسانية جميلة، وأحتفظ بذكرى تؤكد ذلك. صارت عندي حادثة وهي أن سيارة الدائرة كانت في أحد المعارض واردنا ان نجلبها وكان معي احد البرادين للسيارات. أخذنا سيارة اجرة إلى تلك المعارض، وعند وصولنا نزلت منّ السيآرة، فنسيت فيها الحقيبة الدبلوماسية وبها كافة المستمسكات وفلوس وغيرها. مع دخولنا إلى المعرض بدأوا بمراسم الضيافة، مع عبارة (تـِكهْوه يا شيخ…) أما أنا فكنت متألما لنسيان الحقيبة. ولكن بعد خمس دقائق لا أكثر، لاحظنا سائق سيارة الأجرة بباب المعرض، وهو يؤشر إليّ، وقال لي هذه: (الجنطة بتاعتك!)…
قلت له: رجاء تنزل من السيارة حتى أحدثك فسألته: لنفرض أنك لم تشاهدني ماذا كنت ستفعل؟ أجاب: كنت سأفتح الحقيبة وأبحث عن اي شيء يدل على اسم صاحبها، فان كان عراقيا كنت سآخذها الى السفارة العراقية… فرجوته بالقول: أرجو أن تأخذ مني هذه الهدية النقدية كعرفان لجميلك، فرفض بكياسة قائلا: عيب، يا العراقي، نحن إخوة.
2- مقابلة آسيا نيوز مع الكاردينال لويس روفائيل ساكو
عن الاصلاحات والتحولات المستجد في دولة رائدة بين الدول الإسلامية
في هذا الصدد أجريت مع الكاردينال لويس ساكون مقابلة صحافة قام بها في ميلانو الصحافي دارلو سالفي مقابلة لوكالة أنباء آسيا نيوز، نشرتها في 5 آذار 2024. استعرض نيافته في المقابلة مشاركته في 20 شباط في المنتدى السعودي الثالث، عن دور وسائل الإعلام كجسر للسلام؛ ومن أبرز مواضيع المنتدى علاقة المسيحيين والمسلمين في الوطن الواحد. وأورد تقرير الوكالة انطباع الكاردينال ساكو عن الخبرة المدهشة التي ترشحت عن المنتدى المذكور، إزاء ما عرفت فيه السعودية كمهد للاسلام السني، منوّها بما تشهده هذه البلاد من إصلاحات ومشاريع بتاثير من ولي العهد محمد بن سلمان. ويذكر ان رحلة الحبر الكلداني هذه جاءت بدعوة من السلطات السعودية، كرابع كاردينال يزور البلاد بعد الكرادلة: بشارة الراعي، جان لويس توران وكريستوف شونبورن.
مؤشرات واعدة
أورد مار لويس عددا من المؤشرات غير المتوقعة، ابتداءا من حلوله في المطار بالملابس الكنسية، يرافقه المعاون البطريركي المطران باسيل يلدو، إذ بادر أحد مسؤولي شرطة المطار بمخاطبته بلقب (أبونا) مرحبا به بإشارة احترام. وفي الفندق كان الحضور الحبري الكنسي الكلداني الوحيد ضمن 450 مؤتمرا. واستطرد الكاردينال، بالقول انه قبيل الكلمة التي قدمها للمؤتمر، حصل له نقاش مع واحد من الرئاسات الدينية السنية جرت فيها المقارنة بين ما عرفت عنه هذه البلاد بنوع من الراديكالية والعشائرية، وبين ما لم يعد عليها الحال في أيامنا. وأكد على “لزوم انفتاحنا على العالم ومواجهة الحياة الحديثة المعاصرة، مضيفا بمقاربة لا تخلو من الجرأة: هذا ما نسعى إليه في الكنيسة بما نسميه السير معا (السينودالية) وإن الاسلام من جانبه بحاجة إلى مثل هذا النوع من سينودالية “السير معا”.
كما أورد مؤشرات أخرى ذات صلة، منها انه في صالة الطعام، طلب منه عاملون مسيحيون، من الهند والفيليبين، ان يمنحهم البركة، فبارك جبينهم علنا بعلامة الصليب. كما تداول مع سيدات سعوديات سافرات شاركن في المؤتمر، مما لفت الأنظار، ليشرحن لنيافته، بأن الحجاب لم يعد الزاميا في ظل الأمير بن سلمان. ومن ناحية آخرى أكد ان على المسيحي إلا يتردد في الشهادة لمسيحيته، في البلدان ذات الطابع الاسلامي، بما فيها تلك ذات الحضور الشيعي مثل إيران وغيرها.
عن مداخلة البطريرك في منتدى الرياض
من أجل السلام في الأراضي المقدسة والمنطقة
وفي ظل اوضاع في الاراضي المقدسة نقلت آسيا نيوز عن الكاردينال ساكو، التفاته إلى الحكمة التي تبديها السعودية تجاه وضعها المأساوي، بقوله: مع اني لست مع اسلوب حماس، ولكني ايضا ضد هجمات الاسرائيليين التي اودت بعدد يربو على 31 ألف من الضحايا وانه يلزم ان يوضع حد لهذا النزاع ويحل محله الحوار الهادف إلى الحل العادل المنشود بقيام دولتين . بالاضافة إلى انسحاب ذلك على الدول المجاورة في المنطقة مثل لبنان، العراق، اليمن وسوريا.
دور وسائل الإعلام
وعرضت وكالة آسيا نيوز الاخبارية ضمن المقابلة المذكورة نقاط من مداخلة البطريرك ساكو في المنتدى (وهي ضمن رابط الموقع البطريركي). جاء فيها التركيز على دور وسائل الاعلام بكل اشكالها ونفوذها الكبير على الاشخاص والمجتمعات وتأثيرها على تفكير الناس وقرارتهم وسلوكهم ايجاباً او سلباً. كل هذا في عالم اليوم وخصوصاً منطقة الشرق الاوسط، حيث الاسلحة المتطورة وصراعات وحروب مدمِّرة وتطرف. فيمكن لللاعلام ان يتحول الى كارثة حين ينشر اخباراً مضلِّلة ويشكّك بالقيم الإنسانية والدينية والأخلاقية والوطنية ويفكّك المجتمع.
تأثير رجال الدين
ومن ناحية أخرى، وكما جاء في تقرير أسيا نيوز تشديد الكاردينال ساكو على دور رجال الدين الأساسي تجاه الناس في ترسيخ ثقافة مستندة على الاخوَّة والسلام والمحافظة على حقوق الناس وحريتهم وكرامتهم وتعزيز الوحدة ضمن التنوع والعيش المشترك. وان هذا هو المستقبل الذي ينبغي ان نعمل من أجله. علينا ان نتكلم عن الله “المحبة” كما في المسيحية و”الرحمة” في الاسلام والنصح بالاخلاق الحميدة، واشاعة القيَم الإنسانية والروحية. وهذا يتطلب اختيار مفردات بسيطة ومفهومة ومعبِّرة، وتقديم تفسير سليم للنصوص المقدسة؛ مختتما مداخلته بالقول: وهذا يسد الباب أمام من يفسِّر تلك النصوص خارج إطارها لغايات نفعيّة وسياسيّة. وبهذه الطريقة المنفتحة والمستنيرة يمكن مكافحة الإرهاب وتفكيك الايدولوجية الاجتماعية المتطرِّفة التي تهدد الأمن الوطني والعالمي.
هذا ويجدر بالذكر أن المنتدى المذكور يعقد برعاية مركز (Kaiciid) “المركز الدولي للملك عبدالله بن عبد العزيز للحوار بين الديانات والثقافات” وكان مقره في البدء في العاصمة النمسااوية فيينا، ثم غدا في لشبونه (البرتغال) منذ 1 تموز 2022. ويتشكل الجسم الاداري لهذا المركز من ثلاث دول: السعودية الجهة المؤسسة، والنمسا واسباانيا، ويشغل الفاتيكان في هذا المركز مقعد العضو المراقب الدائم. وهو في الواقع علامة الحضور الدبلوماسي الوحيد للفاتيكان مع الرياض، ليكون الفاتيكان أحد الدول القليلة في العالم التي ليس لها مع السعودية علاقات رسمية. على أن السنوات الاخيرة شهدت بين الجانبين تمثيل متبادل مكثف يصب على الخصوص في مجالات السلام وأطر الحوار بين مختلف المذاهب الدينية.
الخلاصة
تأسيسا على حيثيات المقارنة عن وضع هذه البلاد بين اليوم وأمسها الغابر، يتهيأ للمرء هذا التغيير يعود إلى أن ثمة مسافة مناسبة ارسيت بين السياسة وإدارة الدولة، وحصر دور رجال الدين في التعليم الديني الإيجابي والمنفتح، بما في ذلك ضبط الانفلات في الفتاوى والفتاوى المضادة، وإرساء حد مقبول من نظام المجتمع المدني. كما أن الانفتاح الى المزيد من الانشطة الثقافية والاجتماعية والتجارية، من شأنه أن يرفع من المستوى الاقتصادي للمواطن السعودي.
وبعد، لا بدّ وأن بلدان المنطقة، تحتاج بنسب متفاوتة إلى تخصيص دور رجال الدين، بالتعليم الديني والتوعية بشأن حقوق الإنسان واحترام التنوع، وترك أمور ادارة الدولة والسياسة للمختصين بها، عن طريق إرساء المجتمع المدني. وعسى أن يثمر عن مفعوله لصالح المواطنين وحقهم في العيش الكريم. بما في ذلك خلق فرص العمل ودعم الاقتصاد ومحاسبة بؤر الفساد.
ملاحظة: رابط منتدى الاعلام في الرياض، ومداخلة البطريرك ساكو في المنتدى