قصص من الماضي -دير شيخ متي
قبل اكثر من عشر سنوات كتبت في مواقعنا الالكترونية سلسلة من "قصص من الماضي" ويعجبني ان اعيد نشر قسم منها، ففي قراءتها متعة وابتسامة.
هذه واحدة من تلك القصص
في احد الايام الاولى من آب 1974 كنا عائدين من جولة في مباني وزارة الزراعة في محافظة اربيل الى الموصل لمبيت المهندستين المصلاويتين عند اهلهما , واعود انا الى كرملش لاذهب في اليوم التالي الى الموصل ثم الى مقر عملنا في الوزارة في بغداد , وعندما عبرنا برطلة نظرت الى الجبل على يميني وقلت : انظروا الى ذلك الدير الجميل , انه الشيح متي . قالت احدى المهندسات : ليتنا الان هناك , ما اطيب الزيارة ! فسالتها الثانية : هل تسلقت يوما ما؟ فقالت : اكو مصلاوي ما كن غاح لشيخ متي , سواء نحن المسلمون , ام انتم المسيحيون . فقال السائق , وهو من اهل الكوت وزياراته للشمال كانت قليلة : اذا انتم الثلاثة تؤكدون ان المكان رائع فلماذا لا نذهب الان , انتم جعلتموني شديد اللهفة للزيارة !! اتسمح استاذ ابو بسام لنذهب؟ قلت: هناك عائقان امامنا : الاول هو انت فلست قادرا على صعود الجبل في مدة ساعة واحدة في هذا الحر الشديد , والشيئ الثاني : لا يوجد لدينا ما ناخذ فيه الماء للشرب اثناء الصعود , فعلينا ان نشرب الماء من السيارة وهي في الاسفل وسنستطيع ان نشرب الماء ثانية في الدير . فسال ابو فارس البنات : ماذا تقولان؟ فقالتا : ان كنت ترغب فنحن موافقتان . فقلت له : استدر وارجع‘ واريته الطريق واوقفنا اللاند كروز وشربنا الماء ما استطعنا وبدانا الصعود والساعة كانت حوالي الثانية ظهرا!!! بدانا التسلق سيرا في الطريق الجبلي لعدم وجود شارع حينذاك ‘ ووصلنا الى الشجرة التي في منتصف الطريق وقد انهك ابا فارس التعب الشديد والبنات عطشانات ‘ فقلت : ارتاحوا هنا واربطوا "اشرطة النذور" على اغصان هذه الشجرة ‘ فربما يسمع الله دعاءكم ويحقق امنياتكم ، فبدانا نحل بعض الاشرطة والخيوط ونعيد ربطها ، ثم واصلنا حتى اقتربنا من الدير فجاء باتجاهنا شباب حاملين اواني المياه لنشرب ونسكب الماء على رؤوسنا وارجلنا ، دخلنا الدير وقابلنا ابانا القس الذي رحب بنا واعطانا مفتاح غرفة فارغة لنرتاح . غسلنا وشربنا الماء ثم تجولنا في الدير ووجدنا عائلة كريمة من برطلة قد هيئوا "صينية كبيرة" ليصبوا فيها الدولمة ‘ فدعونا للاكل ولكنني شكرتهم وقلت : نريد الشاي فقط ‘ ولكن السيدة قالت : سوف لن نعطيكم الشاي اذا لا تشاركوننا الدولمة ! فقلت : طيب سناكل !!! فقالت احدى المهندسات : هذا اششون وج مال كلدان عليك؟! فقلت : اولا انا فعلا كلداني ‘ ثم انت ما ادراك بهذه التسمية وانت مسلمة؟!! فضحكنا وتناولنا الدولمة البرطلاوية اللذيذة وشربنا الشاي وشكرناهم وودعناهم بعد ان قضينا اروع ساعتين وكاننا اولاد عائلة واحدة . نزلنا الى سيارتنا وذهبنا الى الموصل واخذت السيارة وعدت الى كرملش لاذهب في اليوم التالي الى الموصل وآخذ السائق ابا فارس من الفندق ثم الى بيوت البنات ثم الى بغداد . بعد حوالي اسبوعين وفي صباح يوم السبت وصلت الى الدائرة لاجد صينية "جكليت" في الاستعلامات فقلت : خيرا ! ما المناسبة؟ قالوا : المهندسة ص. قد خطبت يوم امس ‘ فذهبت راسا الى غرفتها المليئة بالبنات وقلت مبروك!! فشكرتني وقالت : اششون عغفت؟ قلت : الست انا من قال لك : شدي خيط على شجرة الشيخ متي وتمني امنية؟ فضحك الجميع!!!
المهندس جرجيس يوسف الساعور /كندا/2011