منقول نصا من موقع
"كرملش ايام زمان"
جرجيس يوسف/ 18-9-2021
ايام الزواج الستة ح 3 - كتاب التراث الشعبي الكرمليسي - قصي مصلوب
اليوم الأول – الحنة:
وتدعى (صواتا) أي الصبغة بمعنى صبغ الأيادي بالحنة, وفي وقت الظهيرة يأتي الحلاق ليحلق العريس وأقاربه وعند الحلاقة كان اهل العريس يضعون على رأس الحلاق كوفية سوداء " غطاء الرأس التقليدي للرجال تشبه اليشماغ "كهدية , وبعدها يدخل العريس للاستحمام فيغنون للعريس بعض الأغاني الفلكلورية لهذه المناسبة, وقد كانت إحدى النساء تقوم بتحميم العريس وتكون أمه اخته أو ابنة عمه (والتي تعتبر أخت في الفكر الكرمليسي لأنه كان محرماً الزواج بها من بداية القرن العشرين فالأهالي كانوا بحسب العقلية النسطورية الشرقية رغم تكثلكهم).
وبعدها يأتي تقليد جمع المال من الحاضرين في بيت العريس وبعد جمعه يُعطى للعروس, وكان اليوم الأول للعرس يبدأ السبت ويخصص لليلة الحناء وعند المساء يجتمع الشباب في بيت العريس للدبكات الشعبية, وتستمر حتى الساعة الثالثة من صباح يوم الأحد, وكان يقوم الأشخاص الحاضرين بجمع كمية من المال كل شخص حسب إمكانياته ليقدمها كهدية للعروس, وبعدها يجتمع الأهل والأصدقاء عند بيت العريس ويبدأون بالدبكات أمام دار العريس .
ثم يذهبون إلى بيت العروس لحمل الحنة إلى دارها, حيث يسير الموكب في أزقة القرية مع الطبل والمزمار وتختلف رقصات الشباب والشابات على ايقاعٍ مختلف برقصة تُدعى بلغتهم (مرخوشه), إلى أن يصلوا إلى دار العروس ويصبغون أيدي العروس والعريس والحاضرين بالحنة ويتم لف الأيادي بقطعة قماش كي تحافظ على الصبغة, بعدها يخرج العريس والعروس من دار العروسة للدبكة مع الشباب وبعدها يعود الموكب والحناء إلى دار العريس، إذ يقيم أهل العريس مأدبة للحاضرين من مأكل واحتساء الخمر لساعات الفجر .
اليوم الثاني - العرس (خلولا ) :
كان يوم الأحد هو يوم العرس التقليدي، إذ يتم إحضار الطبل والمزمار منذ الساعة الثالثة فجراً, وتستمر الدبكات حتى منتصف النهار، وبعد الغداء يتوجه عدد من الوجهاء من عائلة العريس إلى دار العروس, كي يكملوا عملية تسمى (ترضية أهل العروسة) فيسألون أهل العروس هل أنتم راضون عن كل ما قدمناه أثناء فترة الخطوبة؟ ويشمل علاقات الود والإحترام والمهر والهدايا والمأكل والمشرب وغيرها وتسمى هذه التقاليد بلغتهم (مقومة ومتووه ), ولم يعرف أي شخص معنى هذه التسمية لقدمها وهي تعني باللغة العربية التوقيف والتجليس, إذ تأتي بعض النسوة إلى دار العروس من قريبات العريس ويجلبن معهن إكليل العروس, وهو على شكل قمع يغطى به وجه العروس وبعدها يتوجه موكب من أقارب وأصدقاء العريس مع الطبل والمزمار برقصه المرخوشه, وبعدها الكبار من النساء والرجال إلى دار العروس ومعهم ثلاثة أحصنة, إذ يمتطي العروسان والأشبين الأحصنة الثلاثة ويدخل العريس إلى بيت العروس، إذ تكون في غرفة ومعها صديقاتها وقريباتها, ويدخل العريس ليجلس بجانبها وعندما يخرج العروسان من باب الغرفة يقوم أحد الشباب بالوقوف على باب الغرفة مانعاً العريس من الخروج دون تحقيق مطلبه, وعادة ما يكون عبارة عن مبلغ من المال متفق عليه، يوافق العريس فيعطيه المال ويدع العروسان يخرجان ويسمى هذا التقليد (ارايد بله) أي مسك الباب .
وعند الباب الخارجي للمنزل تكون الأحصنة الثلاثة جاهزة وعلى ظهر حصان العروس يكون عليه قطعة قماش سوداء، هي غطاء رأس الرجل في كرمليس, وفي القرن الماضي يشماغ أسود يكون من حصة الشخص الذي يجر حصان العروس, ويتوجه الموكب إلى كنيسة بربارة، وقبلها كانت معبد وثني آشوري وعلى طول الطريق من بيت العروس إلى الكنيسة, يقوم الأهل والأصدقاء بالرقص على أنغام الطبل والمزمار برقصة (المرخوشه ) ويغنون أغنية تراثية.
ومن أغاني الأعراس
ايلا ولبش خرتا
يومد ياقو كاهخرتا
شقلخ بختا منوخ
ودارخ حوبا بلبوخن
هذه هي ولم تبق آخر يوم يعقوب مرّة أخرى نأخذ امراة منكم نضع الحب بقلبكم .
وكان هناك من الشباب من يقول:
شقلخ بخته منوخن ودارخ اقلا بيموخن أي نأخذ امرأة منكم ونضع الرجل بأمكم
وتحدث المشاجرات بسبب تلك الجملة التي تعتبر إهانة .
وعند الوصول إلى باب الكنيسة (شرعلا) يوضع في غرفة العروسين قماش (الجاجم) يحجب الاشبين والعروسين عن القسان والشمامسة كي لا يراهم القس, حيث يستتر العروسان وراء هذا القماش، ويبدأ القس بمراسيم الزواج ومن ثم يتم رفع "شرعلا" من الغرفة وبعدها يستمر العرس.
اليوم الثالث :
يكون هذا اليوم مخصص للدبكات المسمى لديهم (خكه) وهي رقصات مختلفة منها خكه يقوره أي الدبكة الثقيلة وغيرها, ويكون الذين يرقصون بعدد كبير من الأشخاص, ويكون اليوم الثالث من العرس الكرمليسي مخصص لاحتساء المشروب المحلي الذي يصنع في البلدة فيجلسون بجلسات سمر من التاسعة مساءً وحتى الثالثة من اليوم التالي, ويتم إقامة المآدب للمدعوين إلى الغداء والعشاء ويتم طبخ الطعام التقليدي لهذه المناسبة والذي يتكون من لحم ورأس الثور المذبوح للمناسبة والحمص والبصل ويوزع الطعام حاراً على الحضور .
هناك تقليد خاص في يوم العرس الثالث، إذ يقوم بعض الشباب بسرقة الدجاج إما من بيت العريس أو العروس, وتقوم امرأة غريبة بطبخ الدجاج المسروق ويأخذ الشباب دجاجاتهم المسروقة إلى العرس ليأكلوها هناك, ومع كل لقمة يصيحون ما نصه بالغة العربية (أكل من لحم ثورك ) , وبعدها تتوالى ضحكات سراق الدجاج عالياً .
اليوم الرابع :
في هذا اليوم يقوم أصدقاء العريس بمسك العريس ورفعه فوق الأكتاف, ويخلعون حذائه ويضربونه أسفل قدميه أو يتظاهرون بضربه بالعصا, حتى يثير الموقف عطف زوجته ويطلبون فدية مقابل إيقاف ضربه فتتعطف العروس وتمنحهم حجلتها الذهبية كضمان لتلبية مطالبهم, وتكون المطالب عادة دجاجة مع وزجاجة مشروب كي يتركوا العريس, بعدها يتوجهون إلى دور الأصدقاء والأهل والمقربين لجمع الدجاج, ويمضون أولاً إلى دار العروس ويضع والد ووالدة العروسة مبلغاً من المال فوق رأس العروسة .
ويتوقفون في دار كل متبرع بالدجاج ويحملون الدجاج معلقاً في عصا طويلة أو أكثر من عصا, بحسب كمية الدجاج (ولا يشترط أن يكون الممنوح دجاجاً فقد يكون بطاً أو أرنباً أو أوزاً), أو يكون قد تبرع بزجاجة خمر للموكب وبعدها يعودون إلى دار العريس, ويكون القسان في دار العريس لحل ما يسمى شرعلا وهو ذلك القماش الذي في غرفة العروسان, إذ يضعه القس في غرفة العروسين ويتلون الصلاة وبعد حل الشرعلا , يجتمع أهل القرية ويدبكون ويدعون العروس إلى (الخكا) الدبكة ويقوم والد العريس أو والدته أو اعمامه بوضع مبلغ من المال فوق رأس العروس والعريس, وكذلك على رؤوس جميع الذين يدبكون معهم وتُعطى هذه الأموال إلى صاحب الطبل, وبعدها تؤخذ منه وتعطى له نسبة منها, لأن المال الذي يوضع فوق رأس العروسين والحضور تكون دائماً مبالغ طائلة.
بعد غروب الشمس كان كل شاب من المدعوين من أهل القرية يجلب معه قنينة فارغة, ويعطيها لأهل العريس, يملؤها بالمشروب ويبدأ الطبل بإيقاعاته الشرقية ويدبك الحاضرون، ويتم توزيع الدجاج الذي تم جمعه ويوزع مطبوخاً على أصحاب الدجاج الذين جمع منهم الدجاج, وكذلك على المدعوين ويقضون الليلة في ترديد الأغاني الفلكلورية مع الرقص والأكل والشرب .
اليوم الخامس - عرس الأقارب (خلولا دنشواثا) :
ويسمى هذا اليوم بعرس الأقارب, إذ يتم دعوة الأقارب فقط إلى دار العريس وبعدها يدبكون من دون الطبول على ترديد الأغاني الفلكلورية الكرمليسية وايقاعاتها، وعند الظهيرة يقوم أهل العريس باقامة مأدبة غداء من الطعام الفاخر، وفي المساء يعملون الكبة الكبيرة للعشاء .
اليوم السادس:
بعد الحنة والتي يسمونها (صواتا) والأيام الأربعة للعرس ففي يوم الخميس وهو اليوم الخامس للعرس, إذ يأتي في هذا اليوم أهل العروس ويأخذونها إلى دارهم وتسمى (مدورت كلثه) أي ارجاع العروس وحالياً تسمى ردية بالعربي, وكان العريس يحضر معه بعض من المقربين لتناول الفطور في دار العروس, وفي وقت الغداء يأخذ العريس معه ثلاثون رجلاً, إذا كان أهل العروس أثرياء يكونون قد اقاموا المأدبة من الشرب ووجبة غداء, وفي المساء يتم دعوة عشرون شخصاً من أصدقاء العريس لأخذ العروس فيحتسون الخمر ويتعشون مع المدعوين من أهل العروس وجيرانهم ومعارفهم, ويقضون بضع ساعات من الشرب والمسامرة وبعد الإنتهاء من العشاء تأتي جماعة العريس لأخذ العروس ويعودون بالعروس مع عدد غفير من النساء والأطفال الذين يتوافدون في وقت معين متفق عليه, ويكونون خارج دار العروس ويرجعون العروس بالزفة (مرخوشة ) مع الهلاهل (كلكلياثه ) والرقص والغناء مع التصفيق وعند الوصول إلى دار العريس يدبكون بعض الوقت أمام دار العريس، وبعدها ينتهي العرس الذي دام مدة ستة أيام بعد اشهر من التحضير .
ومن التقاليد الشائعة للزواج في كرمليس، هو أن العروس قبل يوم العرس باسبوع يتم دعوتها لتناول الفطور والغداء والعشاء وأكل وجبة في أحد بيوت البلدة، لكون العلاقات الاجتماعية بين الأهالي متينة، وتستمر بالتنقل بين بيوت البلدة تحل ضيفة عند الفقراء والأغنياء الذين يدعونها بفرح، وتستمر بالذهاب لبيوت الأهالي إلى يوم السبت الذي يكون بداية العرس الكرمليسي التقليدي والذي يستمر لستة أيام. وعلى مدار ثلاثة أيام كان أهل العروس يقومون بجلب ثلاثة وجبات من الفطور والغداء والعشاء يومياً, وفي اليوم الأول يقوم أهل العريس بطرق أبواب شباب العريس (خوراواثد خثنه ), أي اصدقائه واقربائه من الشباب لكي يتناولوا الفطور مع العروسين, ويكون الفطور دائماً من البقلاوة الكرمليسية التقليدية والبيض المقلي " بيئد كلاثه " والتمر , أما الغداء فهو البرغل المحلي أو الرز مع اللحم الذي يغطي طبق الطعام وكان أهل العروس لثلاثة أيام يقومون بجلب ثلاثة وجبات يومياً, وفي ليلة الزواج والليلتين اللتين تلي يوم الزفاف تقوم اخت العروسة أو قريبتها بجلب ملابساً جديدة للعروس, كانت المرأة بعد العرس تذهب إلى بيت أهلها كل يوم، وفي الأحد الأول بعد الزواج (خوشابا قمايا) تنام العروس في بيت والديها, بعد أن تتعشى مع العريس ويرجع العريس إلى دار والده. وفي يوم الخميس قبل العرس كان يتم عجن وخبز الخبز ويضعون على اقراص الخبز (تخراثه) اللوز والجوز, ويضعون أكثر من عشرين قرصة في سلة (طرينيثه ) وعند الذهاب إلى دار العروسة كان الجمع الغفير يهلهل ويغني ويدبك في دار العروسة، وفي يوم الجمعة قبل الحنة كان العريس يقوم بدعوة جميع أهل القرية ومعه صديقه.
ومن التقاليد الخاصة بالعروسة منذ يوم الأحد أي قبل اسبوع من يوم العرس كانت العروسة تنام في كل يوم لدى أحد بيوت اقاربها أو الأصدقاء، إذ تقضي الليلة عندهم في الصباح وبعد الفطور تذهب ومعها مجموعة من النساء إلى بيت والدها, وتعطى وهي في بيت المضيف البيض والجرزات والدجاج بمصاحبة الغناء والدبكات وكان يتم دعوة شابات المحلة, والتي تكون معهن العروس، وفي اليوم الثاني منذ العصر تذهب إلى بيت آخر وهكذا حتى يوم الأحد الذي هو يوم العرس .
وبعد الإنتهاء من العرس أي يوم الخميس وبعد أن ترجع العروس إلى بيت زوجها كان يعطى لها (كوشميريه) , وهي قطعة قماش من بريسم توضع على رأسها وتعقد من خلف الرأس وتنزل على ظهر المرأة, وعندما تكون هذه القطعة على رأسها لاتعمل المرأة أي عمل في المنزل, وبعد عشرة أيام تخبرها حماتها بأن عليها أن تنزع القماش لتعمل معهم في بيت زوجها.