وجهة نظر في حريق الكنيسة - سعد سليمان
Saad Sulyman
لمتنا حلوة وياكم - فيسبوك
وجهة نظر :
مؤلم جدا منظر السيّدات اللاتي يبكينَ احِبّائِهِنَّ الذين قضوا في حريق كنيسة الشهيد أبو سيفين في محافظة الجيزة المصريّة.
في هذا القيظ الكاسر والصيف اللاسع، فقد ٤١ مؤمناً حياتهم في الحريق……
ما يحزّ في النفس، هو ما نراهُ في بناء الكنائس الشرقيّة عموماً، عدم الإهتمام الكافي في وسائل الأمان وأبواب الخروج في حالات الطواريء..
يهتمّون بكُلّ شي في ما يخص جمالية المذبح والقبّة والإيقونات والصور والتماثيل…..
وحينما تصل المسألة الى مكامن الخطر ، لا أحد ينتبه لها كثيراً…..
في الشرق ، الصيف يكون شديداً طوال ثلاثة أشهر كاملة أو أكثر، تكون الحرارة لاهبة …
وفي الكنائس الشرقية لاسيما القبطيّة، معروفٌ عنها طول وقت أداء الصلوات الطقسيّة والألحان والمزامير ….
ما المانع أوقات الصيف اللاهب أن يتم إختصار الصلوات والإكتفاء بالصلاة الجوهريّة لأيّام الآحاد…..
الكثير من الصلوات لا يفهمها المواطن لأنها باللغة الأصلية ، سواء السريانيّة أو الكلدانيّة أو القبطيّة..
الحر شديد والجو خانق داخل الكنيسة ، وكأن الأوكسجين مسحوب من داخل البناية…..
يمكن تقسيم القداديس الى أوقات مبكرة ، وأخرى في مواعيد متأخرة تفاديّاً للحرارة الشديدة …..
تصوّروا كثرة القداديس يوم الأحد ، والكنيسة تشهد إزدحاماً شديداً…..
أجهزة التكييف تتحمل ضغطاً رهيباً، وأحياناً كثيرة تبدو وكأنها تدفع هواءاً حاراً…..
كلّنا يعرف حال الكهرباء في دول الشرق، الزخم كثير والطلبات عالية ، والإمكانية قاصرة…..وحوادث التماس الكهربائي شائعة وجارية هناك…
أجهزة التكييف تعمل بأقصى طاقتها ومعظم الأحيان تكون مستهلكة ولم يتم إدامتها….
تتكدّس الناس وكأنها محشورة حشراً في الكنيسة وسط الطقس اللاهب….
ونعلم أيضاً أن نظام الأمان في الأجهزة الكهربائية غير جدير بالثقة ، ويُحدث الكثير من الكوارث التي يدفع ثمنها البشر من حياتهم……
على إدارات الكنائس الشرقية في أوطاننا الأصليّة ان تضع سلامة المؤمنين في سلّم الأولويات قبل المباشرة ببناء كنيسة…..
عليها أن تؤَمّن منافذ الخروج الآمن بشكل يمنع التدافع الذي يكون سبب الكثير من النوائب حيث تتدافع الناس وقت الكارثة ويقع الكثيرون تحت الأقدام وهم يسرعون الى أبواب الخروج…….
تأمين منافذ آمنة يجب أن يأتي أولاً قبل الإهتمام بأي جماليّة أخرى في الكنيسة……لأنه مع إنعدام مسالك الخروج الكثيرة والآمنة، سنرى الكثيرين يقضون حرقاً بألسنةِ النار أو إختناقاً بالدخان الكثيف المرافق…
وكما قلنا ، يجب أن يُعاد التفكير في مسألة إطالة الصلوات لاسيما وقت الحر الشديد حيث تكون الكارثة وشيكة بسب الخلل المزمن في أجهزة الكهرباء عموماً والتكييف خصوصاً والتي تعمل بأقصى طاقتها التشغيلية لساعاتٍ طويلـةٍ خلال أيامٍ متلاحقة……
الإكتفاء بالصلوات الجوهريّة والأساسية وأدائها من غير ألحانٍ وتطويل وإسترسال ، يساعد كثيراً في درء الكثير من النوائب…..
الرّب يرحم المؤمنين ال ٤١ الذين فقدوا حياتهم في الحريق الحاصل يوم أمس، ويقبلهم في فردوسه السماوي ، ويشفي الجرحى والمصابين ، ويمنح أهالي الضحايا الحزينين ، العزاء والصبر ……