قصص من الماضي:حمه قًلًو
قبل اكثر من عشر سنوات كتبت في مواقعنا الالكترونية سلسلة من "قصص من الماضي" ويعجبني ان اعيد نشر قسم منها، ففي قراءتها متعة وابتسامة.
هذه واحدة من تلك القصص:
قصص من الماضي:حمه قًلًو
(رحم الله الذين رحلوا واطال الله بعمر الاحياء الذين ترد اسماؤهم هنا)
قصص من الماضي:حمه قَه له و
في احد ايام عام 1969 وانا مدير سد دربندي خان جاءني كتاب مغلق من مديرية الناحية ضمن البريد الحكومي الرسمي قدمه لي مدير الذاتية , فقرأت عليه من الخارج: سري وشخصي ففتحته وقرات محتواه وكان: علمنا بان احد منتسبي دائرتكم المدعو محمد فلان الفلاني المعروف بحمة قلو (اي محمد السمين) مصاب بالجنون , ويشكل وجوده هنا خطرا على الاهالي , فيرجى انهاء خدماته ليتسنى لنا ابعاده من المدينة ليعود الى مسقط راسه, الذي ليس هنا .
قلت للفراش : اجلب لي الشاي واستدعي فلان وفلان (الملاحظين الفنيين كهرباء وميكانيك) , لان الموضوع يتطلب الشاي "والصفنة " والوقوف على حقيقة الامر , لان محمد المقصود هو مشغل مضخة وموظف منذ سنوات , حاله حال اي من المائة وعشرة منتسبين ويعيل عائلة من زوجة وكثير من الاطفال لايقلون عن اربعة!! وان طبيعتي لا تسمح لي بفصل احد او حتى التسبب في فصل احد , وقد فتحت دورات تعليمية لجميع الفنيين لرفع مستوياتهم الفنية, وهو من ضمنهم .
من خلال شرب الشاي و"السوالف " مع فلان (ع) وفلان (ن) استدرجتهما ليكشفا سر الكتاب, من دون اعلامهما بوجود كتاب يخص الموضوع حيث قالا: ان مدير الناحية هو من عائلة كبيرة "محترمة" في السليمانية , و "حمه قه له و" من عائلة بنفس اللقب , وحمه قلو رجل امي كثير الكلام, منه المفيد ومنه المضحك!!! فكرت طوال الليل وفي اليوم التالي كتبت رسالة شخصية الى مدير صحة السليمانية بخط يدي وشرحت له الموقف وقلت بانني اترجاكم لتزويدنا بكتاب يؤيد بان وجود الموظف محمد لا يشكل خطرا على احد , واوعزت الى الذاتية بتوجيه كتاب الى دائرة صحة السليمانية لفحص السيد محمد وما اذا كان يعاني من اي مرض جسدي او نفسي . وقعت الكتاب ووضعته في مظروف واحد مع الرسالة وطلبت اعلام محمد والسائق للذهاب الى السليمانية (60 كيلومتر) في اليوم التالي على ان يقوم محمد بتسليم الكتاب بيد الدكتور رئيس الصحة شخصيا , وهكذا كان وفي اليوم التالي عصرا جلب لي محمد كتابا من دائرة الصحة "يثبت" ان محمد "لايعاني من اي مرض ولا يشكل وجوده اي خطر على احد" , واوعزت لارساله الى مديرية الناحية لتهدئة الموضوع وغلق القضية.
وفي مساء اليوم الذي استلم مدير الناحية الكتاب وانا ومدير الناحية نلعب البليارد ككل يوم في نادي الموظفين التابع لدائرتنا – شعبة ري سد دربندي خان، عاتبني قائلا: انتو المهندسين "ما تنغلبون!!! كيف فكرت بهذا الاسلوب الجهنمي؟؟ فضحكنا ونحن نشرب "بيك المساء" . بعد فترة اسابيع وعند ذهابي الى دائرة ري السليمانية ذهبت الى مدير الصحة لاسلم عليه واشرب الشاي معه , شكرته على الموقف النبيل من قضية محمد فقال: اجلسته عندي في هذه الغرفة وسمعت منه سوالف ممتعة كثيرة لاكثر من ساعة وسقيته ثلاث شايات وكان "طبيعيا " جدا , حتى قال لي بعد صمت دقائق: دكتور انا الكل يطلب مني الترشيح لاخذ مكان الملا مصطفى البرزاني , ولكنني ارى ان "الشغلة متعبة" وشغلي بالري اروح!!!
فضحكنا وشكرته ثانية.
المهندس جرجيس يوسف . 2009