تعقيب
على بيان أمانة سر رئاسة أسقفية بغداد للسريان الكاثوليك
الخورأسقف بولس ساتي للفادي الاقدس
المدبر البطريركي للكلدان في مصر
البطريركية الكلدانية
قرأنا بتمعن وإستغراب ما ورد في البيان الصادر عن أمانة سر رئاسة أسقفية بغداد للسريان الكاثوليك – العراق بتاريخ 12/1/2024 والذي جاء على خلاف المعمول به، خالياً من رقم الصادر ومذيلاً بتوقيع مجهول الهوية.
ما ورد في البيان ليس رأي في مقالة أو تصريح إعلامي، لكنه إعلان من سبعة صفحات كاملة تحمل في طياتها إتهامات مباشرة وصريحة، مغالطات تاريخية، وعدم دراية بالقوانين الكنسية.
لذلك لزم هذا التعقيب:
أولاً: منصب بطريرك كنيسة المشرق الكلدانية
مكانة أي بطريرك هي بحسب أقدمية كرسيه ويليها توليته كبطريرك وهو المتقدم على كل الأساقفة في كل مكان في العالم (راجع القوانين 58 و 59 البند 3). بالتالي فإن الكرسي الوحيد والأصيل في العراق هو كرسي الكنيسة الكلدانية والجالس سعيداً على الكرسي هو غبطة الجاثليق البطريرك الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى. وهو يتصرف من منطلق المسؤولية الأبوية عن الجميع فمن ينسى موقف غبطة البطريرك لويس ساكو عندما فتحت الكنيسة الكلدانية أبوابها ووضعت ممتلكاتها تحت تصرف المهجرين بسبب إرهاب داعش.
وقد ساهمت الكنيسة الكلدانية بواسطة عمل المحبة هذا بنشوء أبرشيات جديدة لكنائس شقيقة لم يكن لها وجود مسبق خارج منطقة سكن شعبها الاصلية!
ثانياً: المتقدم بين المتساوين (الإخوة) Primus inter pares
من وجهة نظرنا فإن هذا الوصف الذي جاء في البيان صحيح وحق ولكن اُريدَ به باطل! وهو بإستحقاق، النص الوحيد الصحيح في هذا البيان ويعترف بسلطة غبطة البطريرك ساكو المتقدمة على إخوته!
من هذا المنطلق وعلى ضوء تعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني تأسست مجالس البطاركة والاساقفة الكاثوليك منذ ستينات القرن العشرين وترأسها البطريرك الأصيل في كل بلد والذي يرأس أكبر كنيسة. فنرى بطريرك الموارنة في لبنان وبطريرك الروم الملكيين في سوريا وبطريرك الاقباط الكاثوليك في مصر.
ولا نرى هنا لماذا تستثنى الكنيسة الكاثوليكية في العراق من هذا النظام! فهل يا ترى تشعر بعض الكنائس بالتهميش بسبب عدم ترؤسها لأي من هذه المجالس؟
ثالثاُ: العمل المسكوني مع الكنائس غير الكاثوليكية
ما تمَّ إقتباسه في البيان محل النقاش من مجموعة قوانين الكنائس الشرقية القوانين 902 – 908 هو للأسف نابع عن عدم قراءة عميقة لهذه القوانين، بل جاء إقتباسها إنشائياً لملئ الفراغ وإظهار مخالفة غبطة البطريرك لويس ساكو للقوانين الكنسية!
فيما يخص مجلس رؤساء الطوائف المسيحية في العراق، فهو لا يرتقي لمستوى العمل المسكوني المطلوب وفقاً لروحانية المجمع الفاتيكاني الثاني وقوانين الكنائس الشرقية، فهو يفتقر لآلية واضحة وخطة عمل مثلما ينص عليها قانون 904 وذلك لكون الكنائس الأعضاء تختلف بالهيكلية التي ينص عليها القانون المذكور.
ولكيما تنجح هذه المساعي فيجب التقيّد بالفطنة اللازمة لتجنيب أخطار المسالمة الكاذبة، واللاإكتراثية فضلاً عن الغيرة الجامحة (905).
رابعاً: إنتقاد إجتماع رؤساء الكنائس في العراق
الإستخفاف بهذا الإجتماع هو ضمناً:
رفض ما جاء فيه من إستنكار كارثة حريق قره قوش وسحب المرسوم وإستهداف المسيحيين،
ومما أثار إستغرابنا بأن هذا النقد والإستخفاف بغبطة البطريرك والمجتمعين،
شمل أيضاً مطران الموصل للسريان الكاثوليك وبالتالي أبرشيته التي هي أكبر وأقدم أبرشية للكنيسة السريانية في العراق وأكثر تعرضاً للإضطهاد والتهجير!
ونحن نرفع القبعة لسيادة المطران بنديكتوس يونان حنّو لرفضه أي مساومة على حق أبناء شعبه!
مطران بغداد للسريان الكاثوليك يقف وحيداً بمواقفه اللاكاثوليكية!
فعلى ضوء لقائهم الاخير لم ينجح بإقناع أساقفة السريان الكاثوليك بإصدار هذا البيان مذيلاً بتوقيعهم!
لا يسعنا أن نسرد هنا مواقف غبطة البطريرك لويس ساكو من أجل توحيد الصف المسيحي ودعواته المتكررة للقاء والخروج برؤية موحدة. دفاعه عن المسيحيين لم يكن أبداً على حساب إخوته من الكنائس الشقيقة، فعلى سبيل المثال للحصر، طالب غبطته في أكثر من محفل بإدراج إسم السريان في الدستور كقومية إسوةً بالكلدان والآشوريين.
فمن يا ترى من رؤساء الطوائف الأجلاء يهتم بالدفاع عن الكنيسة الكلدانية وحقوقها؟
من تحرك فعلياً لحل أزمة سحب المرسوم الجمهوري من غبطة البطريرك لويس ساكو؟
للأسف لم تقم لا رئاسة الكنيسة السريانية الكاثوليكية ولا مجلس رؤساء الطوائف المسيحية في العراق ببذل أي مجهود للتاثير على رئاسة الجمهورية لإلغاء سحب المرسوم وهذا موقف سيسجله التاريخ عليهم!
خامساً: العلاقة مع الأحزاب / الميليشيات
المثير للغرابة في هذا البيان هو عكس الحقائق ومحاولة تشويشها بسردها بصورة متخبطة!
غبطة البطريرك لويس ساكو كأب وراعي يقف بمسافة متساوية مع جميع الأحزاب “المسيحية” وغير المسيحية.
غبطته ينتقد من يعبَث بمصير شعبنا المسيحي ويصعد على أكتافه، لا بل على رأسه ليدفنه حياً من أجل الوصول الى غايته المنشودة.
فمنذ تولّيه منصب جاثليق وبطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم لم يتعامل غبطته مع إرهابيين ومدانين محلياً أو دولياُ وهم متأزرين بثياب السياسة ولم يظهر معهم ولم يطرد بسببهم! فمن له أذنان للسمع فليسمع.
نحن نشكك بأن هذا البيان قد كتب بقلم سرياني نظيف وأصيل، فنحن نستشعر فيه لهجة ليست بجديدة علينا.
سادساً: ترهيب المسيحيين وتهميشهم
يتهم البيان غبطة البطريرك لويس ساكو بإصدار بيانات غير موزونة عن تهميش المسيحيين مما يشجعهم على الهجرة!
نعجب فعلاً من هذا الإتهام!
يعد غبطته من أكثر من دعا المسيحيين ليس فقط لعدم مغادرة العراق، لا بل العودة إليه! عندما يتحدث البطريرك عن تهميش وإضطهاد للمكوّن المسيحي الاصيل في العراق، فهذا يدق ناقوس الخطر. وما نستغربه أكثر هو التقليل من هذه التصريحات الهادفة للَفت نظر العالم الى المسيحيين المهمشين في العراق، في الوقت الذي لم يشفى فيه جرحى محرقة قره قوش ولم تنشف دماء شهدائها.
من يرهب المسيحيين هو من يستولي على ممتلكاتهم ويهين إنسانيتهم، وما يساوي ذلك هو من يظهر معهم ويعطيهم الغطاء الديني!
كنيستنا الكلدانية تنطلق من موقعها التاريخي والرائد في العراق القديم والحديث. يدنا ممدودة للجميع لتصحيح الأخطاء وتقويم الإسلوب الملتوي للبعض.
يعلمنا ربنا يسوع المسيح في إنجيل لوقا 6/ 39
“هل يقدر أعمى أن يقود أعمى؟ أما يسقط الإثنان في حفرة؟“